رواية أم سعد تأليف غسان كنفاني .. أم سعد، "التي تقف الآن تحت سقف البؤس الواطئ في الصف العالي من المعركة، وتدفع، وتظل تدفع أكثر من الجميع". هكذا قدم غسان كنفاني الروائي السياسي الفلسطيني للأم الفلسطينية حين كتب رواية عام 1969. كأن "أم سعد" هي النقطة التي تتقاطع عندها روايات كنفاني السابقة. إنها الشخصية الضائعة في رواياته السابقة، المضمر الذي يختبئ خلف السطور ويتداخل في الشخصيات، ولا يعلن نفسه إلا حين يتكامل في الواقع التاريخي. كأن روايات كنفاني، مرآة الوعي النضالي، أو كأنها محاولة دائمة لكتابة معادل موضوعي للتجربة التاريخية، ولا يكتمل المعادل إلا حين تكتمل الثورة. أليست أم سعد هي الممكنة دائماً والتي لا تقبض على اللغة إلا حين تقبض على التاريخ؟ أليس البطل الروائي هو من يتكلم لغته، ويطال من خلال لغته لغة الجماعة، ويخلخل اللغة السائدة. كنفاني هنا يندفع إلى التعلم من الجماهير، لا يبحث عن الحدث الروائي ولا ينحت شخصية روائية. الشخصية مكتملة، أو هي الوعي يتكامل في الممارسة. أم سعد هي بهذا المعنى النموذج ونقيضة، البطل الواقعي والرؤيا المتحولة، أي أنها محاولة كنفاني الأكثر اكتمالاً، للتعبير عن اللحظة الثورية في توهجها. يختار كنفاني أم سعد، ليعلن انحيازه الطبقي والفكري، يختار المخيم، ويكشف لنا عن الفرق بين خيمة وأخرى، خيمة اللاجئ، وخيمة المقاتل، ويندفع إلى ما يمكن أن تسميه بالرومانسية الواقعية.