رواية إبراهيم فرغلي

جبرا إبراهيم جبرا

روايات

في مدينة "صراخ في ليل طويل" ليست هناك علاقات إنسانية بين الفرد والفرد، ليست ثمة شركة أو تماس او اتحاد، الروابط معدومة والوحدة مسيطرة، وكل امرئ جزيرة وبمعزل عن سواه، وخلوا من أي إحساس بمسؤولية تجاه مجتمع أو تجاه أفراد المدينة، كما وجدها البطل، موطن الموت، إلا الموت الفعلي بل ما هو أرعب: الموت الروحي، الذي تعرض له الأدب والفكر الحديثان وأسمياه الموت في الحياة.


أفرادهما أموات، "ماتوا من جوع قلوبهم"، وخلوا من الهدف والطموح، لا لأنهم فشلوا فيما كانوا يهدفون ويطمحون إليه، بل لأنهم لا يعرفون أساساً ما يريدون، أنهم تعابى، استبد بهم الوهن، أجسام إنسانية. لكن بغير حياة بغير روح، أحدهم يسمي بيته جهنماً، وآخر يدعو الزقاق صحيحاً وثالث يلخص وصف المدينة إلى صورة هائلة: "أود لو آخذك بيدك يا رشيد فاقتادك، كما اقتاد فرجيل وأنثي، في جحيم المدينة القديمة، وأطلعك على طبقة فوق طبقة من أناس يتلوون مرضاً، وأطفال ينافسون الكلاب على عظمة في القمامة، ونساء يزعقن لله من الجوع في أحشائهن. ولسوف ترى هناك رجلاً يطعن آخر بسكين من أجل قرش، ونساء تنشب البعض أظفارها هي وجوه بعض من أجل بضعة دريهمات اكتسبها ولد لهن هذيل مصغر. ولعلك حينئذ يغمى عليك وتقع أرضاً كالجثة الهامدة

شارك الكتاب مع اصدقائك