رواية البرزخ بقلم د. سيد زهران..شخصيات كثيرة مَرت من هنا ، منها الذي اختفى ، ومنها الذي مازال ، ومنها الذي لم يأتي دوره بعد . سؤال .. من هو الوغد أو الشخص الذي لا تستطيع نسيانه بسهولة ..؟ لا أعرف تحديدا كيف أصفه كما فعل (فرويد) .. (ادلر) .. (سبنسر) .. فهم حتما يُجيدون تلك الأمور . لكنى أعتبره ببساطة ذلك الشخص الذي عندما تعود إلى المنزل تظل تفكر فيه ، القريب من عقلك لدرجة عدم الفكاك ، المؤثر لدرجة الغيظ . إنه الشخص الذي عندما تريد أن تلفظه عن رأسك لا تستطيع ، مثالي .. متفوق .. مغرور .. أو حتى مر في حياتك لثانية واحدة ، المهم أن بصمته النفسية أقوى من عدم التذكر .
(طارق عبد الملك) طبيب حالات حرجة مُتحمس ، من تلك النوعية التي عندما تتواجد في مكان تُشعله !.. يتهامسون سرًا عن نحسه ، لكن الرجل كان ينظر للأمور من زاوية مُختلفة ، تتلخص في أن المتاعب لا تأتى إلا لمن يستحقها .
أطلق عليه أصدقاؤه مُبكرا اسم (الطارق) ، لأنه كان يحب المُغامرة .. ويستدعى كل الأخصائيين ليلا بوقاحة !.. دون خوف .. ولو حتى قبل الفجر !
غرفة الطوارئ تمتلئ بالكثير من المرضى التي قد لا تتذكرهم ، البعض يتكلم .. البعض يهذى .. البعض يبقى صامتًا إلى الأبد .
لكن دائما هناك نوعية تبقى .. تجرك لعالمها ..!
نوعية تكون في أضعف حالاتها الإنسانية مما قد يُضفى عليها قدرًا من الصدق .. فتعلق في ذهنك وتظل تُفكر فيها .
قبل النوم عادة ما يمسك (طارق) يومياته التي تحمل عنوانًا كبيرًا بخط يدوى أحمر .. (أوغاد في حياتي) ..!
هناك يبدأ التفريغ .. ويختلط خياله بالواقع لدرجة أنك قد لا تعرف أين الحقيقة ، إنها وسيلة هروب (طارق) لجعل حياته أكثر احتمالا .. والخَلاص من تلك الوجوه التي تُطارده .
حديث البداية سيكون عن الأنفس البرزخية .. هل تُؤمن بوجودها ..؟
يُقال أنها تظل مُعلقة دون رحيل ..
أنفس تُصر على أن مهمتها لم تنتهِ بعد ..
تحمل شيئًا أخيرًا لم تقله ..
وطيلة الوقت تحاول إخبارنا به .. !