رواية خوف حارس المرمى عند ضربة الجزاء

تأليف : بيتر هاندكه

النوعية : روايات

رغم أن رواية "محنة" للأديب النمساوي المعاصر بيتر هاندكه مكتوبة بطريقة غير تقليدية، فإن القاريء يشعر وكأنها تقليدية تماما بالمقارنة بهذه الرواية "خوف حارس المرمى..." التي يمكن مقارنتها بالقصيدة النثرية الحديثة، ليس فقط في تمردها على كل القواعد والقوالب الكلاسيكية،

  وإنما أيضا للغرابة الشديدة في أسلوب كتابتها. لا أقول أني "استمتعت" بقراءتها كما يستمتع الواحد بقراءة رواية جذابة. فمثل هذا العمل في رأيي يحتاج من القاريء أن يكون على دراية بخلفية معقولة عن المؤلف. وكنت محظوظا لأني قرأت أولا رواية "محنة" التي تحتوي على مقدمة رائعة ومهمة كتبها الدكتور عبد الغفار مكاوي، وعرض فيها الأفكار الأساسية في فكر وفلسفة بيتر هاندكه، وأعتقد أنه بدون قراءة هذه المقدمة المهمة فإن هذه الرواية "خوف حارس المرمى.." ستصبح نوعا من الأدب السخيف الممل الذي لا يعني أي شيء. وطبعا لا يجب أن نعجب بأديب أو ننبهر به لمجرد أنه حصل على جوائز، ولكن عندما يكون بيتر هاندكه قد حصل على أرفع جائزة أدبية في ألمانيا وأيضا على جائزة مهمة في الكتابة للمسرح فإن ذلك بالتأكيد لا بد أن يجعلنا نأخذ كتابته مأخذ الجد باختصار وعلى قدر ما فهمت، فإن المؤلف مشغول بمشكلتين مهمتين وضعهما قيد التطبيق في هذه الرواية: - مشكلة الباطن والظاهر: هل ما ندركه بحواسنا هو الواقع الخارجي فعلا، أم أن هناك فرقا بين الإثنين؟ وإذا كان هناك نوع من التشويه في إدراكنا الشخصي للأشياء فإن ذلك سوف يؤدي بالضرورة إلى أنواع كثيرة من سوء التفاهم ومن صعوبة التواصل بين الأشخاص. وبالمناسبة المؤلف له عمل آخر بعنوان: العالم الباطن للعالم الظاهر للعالم الباطن - المشكلة الأخرى لها علاقة بالأولى: هل اللغة والمفردات التي نستخدمها تعبر فعلا عما يفترض أن تشير إليه في العالم الخارجي، أم أن اللغة يمكن أن تصبح عائقا وتشوه إدراكنا للواقع، وبذلك تؤدي هي أيضا من ناحية أخرى إلى سوء تفاهم وصعوبة في التواصل بيننا وبين الآخرين ؟ عرض المؤلف هذه التساؤلات على شكل "رحلة" لا هدف لها يقوم بها بطل الرواية، وكلما أوغل في الأماكن التي يتنقل بينها والأشخاص الذين يقابلهم، يصبح مهووساً أكثر وأكثر بملاحظة حركة وتفاصيل كل شيء يدور حوله، ويجعله هذا يتساءل باستمرار إن كان الذي فهمه من ذلك الشيء أو تلك الحركة أو الكلمة أو الإشارة ما قُصد به فعلا، ويصل الأمر في النهاية إلى ما يشبه المرض العقلي وجنون المراقبة والإضطهاد. وفي رأيي المتواضع، كان يمكن أن تصل إلينا رسالة هذه الرواية في عدد من الصفحات أقل كثيرا من ذلك هناك أوجه شبه بين هذه الرواية و"الغريب" لألبير كامو. بطل "عادي" يمر بخبرات عادية ولا يميزه شيء في الظاهر ولكنه مع ذلك يرفض الإنسياق مع الآخرين في تيار الحياة الروتيني ويرفض أن يشاركهم نفس ردود الأفعال المحفوظة والمتوقعة من كل مواطن شريف ومحترم في المجتمع، وفي الروايتين هناك جريمة قتل تحدث فجأة وبدون أي دافع أو معنى. أيضا بعض الفقرات ذكرتني برواية "الناقوس الزجاجي" لسيلفيا بلاث، وذلك من ناحية المزج بين الواقع الخارجي والمونولوج الداخلي للشخصية الرئيسية

 

 

شارك الكتاب مع اصدقائك