إن اختلاف الرؤية والمضمون في هذه الرواية هو الذي قاد إلى هذا الغموض الذي يكتنفها إذ أن هذا الاختلاف هو الذي يؤدي إلى اختلاف البناء والأسلوب من رواية إلى أخرى. تعتمد هذه الرواية على الرمز ولعلنا هنا نصادف تناقضاً حاداً بين موروث يمثله الشيخ مراد وبين ما يبحث عنه العقل الباحث
عن الكمال المطلق. إذ يقول المؤلف: "تحت شجرات الميموزا أنهى الشيخ مراد رحلة جسده الصائم الذي انتقل به من شجر الكنا إلى شجر التين.. انجلى لعقله الممهد بالزخارف الذهبية زخارف التأويل السالك محموماً بين التيه والندم، أن التفكير، الذي قالت به أممّ من أحزاب الوعيد بلا نهاية، تكفير مبتور". ولعل هذه الفراسخ الثمانية هي تلك المسافة التي تفصل دلشاد عن بلوغ تلك الغاية عبر تفكيك مركبات ذلك المخطوط المستنسخ "المختصر في حساب المجهول" المنسوخ بحبر من سخام شجر الخوخ ودم ضفدع الرمل ودلشاد المتمرد هنا محكوم بجذوره، تائق إلى بلوغ مستقره الأخير وهو قلقٌ تتصارع في أعماقه الرؤى (لكن البرد افشل حصاره المزمع على حصن الألغاز في البيان الشاحب للسيد جرجيس سالوحي، فتقهقر).