رواية شقيقان وعروس أوكرانية واحدة بقلم وليد عودة ....وفي هذه الرواية يقدم "عودة" عملاً أدبياً شاملاً محلياً وعربياً وعالمياً يجمع فيه ببراعة ما بين أطروحات النقد السردي الحديث وتقنيات علم النفس والتحليل النفسي ليصوغ فيه مركباً نقدياً يسعى إلى استكناه قضايا متعددة يفتح بها نافذة واسعة الرؤى أمام قارئه يطل منها على جوانب دالةٍ من الحياة
الاجتماعية والثقافية لإنسان العصر عبر توسيع مفهوم الآخر المختلف ديناً، وجنساً، وقومية.. وأيديولوجيا. فمن خلال علاقة توأمان شقيقان، ولدا في فلسطين، وسافرا إلى أوكرانيا للدراسة، ودخولهما إلى مجتمع مختلف عن بلدهما الأم، ومن ثم قرارهما الزواج من أوكرانيا، يتعرض الروائي إلى قضايا مجتمعية تعتبر إشكالية في عالمنا المعاصر، حيث يتوقف فيها عند أهم المسلمات المفاهيمية المؤسِسة لمنظومتان فكريتان تتداخل وتتعارض، وأحياناً تتصارع في داخلهما شبكة من العقائد والقيم مثل: الإسلام في وسائل الإعلام الغربية، التحديات التي تواجه الجاليات العربية المسلمة في الغرب، دور الجمعيات الإسلامية في أوكرانيا في نشر الدعوة إلى الله، التعاون بين مختلف الجنسيات العربية باختلاف مشاربها عندما يعملون تحت مظلة جماعة إسلامية ما، انعدام الخلافات القومية بين المسلمين في أوكرانيا والولاء لله وللإسلام، كذلك يعقد الراوي بأسلوب منولوجي حواري مقارنة حول نظرة كل من العربي والغربي إلى مفاهيم مثل: الصداقة - الحب - الزواج. النظرة إلى الشريك، العادات والتقاليد التي تعتبر من الثوابت عند العربي كاختيار الزوجة على أساس الخلق والدين، الغزو الثقافي الغربي واختراقه للقيم الإسلامية، الفساد المجتمعي الذي طال مجتمعات الشرق والغرب معاً إلى آخر ذلك من موضوعات. أما ما تخبئه الرواية من مفاجآت، فتنطلق عند حادثة تحطم الطائرة الأوكرانية التي تقل التوأمان الشقيقان، وتضحية أحدهما بنفسه من أجل إنقاذ أخيه، وهنا يبرع "عودة" كعادته في استخدام تقنيات علم النفس في وصف الصدمة التي يتعرض لها أحدهما عندما يفقد شقيقه، فيعيش حالٍ من الازدواجية تجعله يتقمص شخصية أخيه، وهذا ما يفسر الترابط الروحي والفكري والعاطفي والنفسي للتوائم والذي يجعلهم يشعرون بآلام بعضهم البعض وبأنهما روحاً واحدة في جسدين .