رواية فصول بقلم د. محمد محمود أسعد .. في رواية (فصول) تتعرف قارئي العزيز عن قرب على كثير من المدود والجزور في بحور الغرباء، ستلحظ اختلافًا واضحًا بين آمال البدايات وأماني النهايات، ستكون أقرب إلى ما تضيق به صدورهم من هموم ثِقال وما ترنو إليه قلوبهم من أمانٍ عِظام لربيع العمر هناك في الوطن، ليتنفسوا فيه الصعداء فتسطع شمسهم من جديد، ويذوب من على أبدانهم صقيع السنين. قالوا إنَّ من لا يكتب ما يعيش لن يجد من يقرأ، وإن السرد القصصي وسيلة مهمة لتبادُل التجارب الإنسانية، من هنا جاءت فكرة رواية (فصول) التي تحكي بطريقة السرد بأسلوب المتكلم والتضمين قصة عائلة عربية ما زالت تعيش سنين الاغتراب ببروق ورعود، وظروفٍ تؤلم القلب، وتزيد عليها قروح الأيام.. يُشفى بعضٌ منها، لكن يأبى قرح الشوق والحنين للأهل والوطن أن يندمل.. رواية (فصول) تجربة سردية ترصد عن قرب تقلبات مفاصل حياة من يعيشون خارج أوطانهم، بين فرحة بدايات يتطلعون فيها إلى تغيير جذري لحالهم المأزوم وبين أمل نهايات يتمنوّنه أن يتوّج بلمة لقاء مع الأهل والأحباب في فيافي الوطن، بين حلاوة البدايات وأماني النهايات.. تسعى رواية (فصول) إلى تجسيد آمال حياة الغرباء وآلامهم من خلال تسليط الضوء على عائلة عربية سعت كغيرها لتغيُّرٍ منشود من خلال سفر إلى شطآن الخليج، لتعيش فيه المعنى الحقيقي للغربة بما فيه من اختلافات وتباينات في مفاصل الغربة التي أشبه ما تكون بفصول البيئة الكونية المحيطة بنا، من حيث تقلباتها بين ربيع وصيف ثم خريف وشتاء.. لكن باختلاف مشهود في الترتيب والمدد؛ فقد تمُر على الغريب خلال يومه الواحد فصولٌ أربعة يتنقل فيها بين وهج صيف وهدأة ربيع، وقحط خريف، ولعج شتاء، وقد يختلف الترتيب فترى أيام الغريب سعيدة مزهرة، وفجأة ينهار مؤشرها وتنقلب إلى كآبة وضيق وكأن بركانًا فيها سينفجر، فغياب التسلسل المنطقي لتلك الفصول ومددها هو ما يميز أيام الغريب ولياليه.