كتاب أبكر قليلا من الموت بقلم محمد جعفر..هل عشنا كل هذا العمر لأجل هذه اللحظة المفرغة من المعنى؟ وما جدوى كل الذي كان إذن، وما جدوى أي شيء؟ هكذا نغدو فارغين ومحبطين، وبلا أثقال غير هموم صدّقناها، وتمسكنا بها بيأس شديد لا نريد أن نفلتها..!"
هكذا يتأمل بطل هذه الرواية، بعين الفنان المتوهجة بالألوان الزاهية بالحياة رحلة عمره، من خلال رسائل يتبادلها مع أصدقاء له، فنستمتع بسرد التفاصيل والأحداث ونتوقف عند عالم اختفى خلف ظلال التاريخ بكل توتراته ومنعطفاته اجتماعيا، سياسيا، تاريخيا، ووجوديا.
رواية عميقة، شجاعة، تتأمل في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حياة الفنان محمد راسم إلى ما قبل ساعات من مقتله المريب.
قليلة تلك الروايات المعرفية ذات الوهج الفلسفي التي يمكنها أن تقبض على القارئ على الرغم من وقوفها عند الحافات المطلة على هاوية الموت، لكنها على الرغم من التفاتات الوداع فهي تحتفي بالحياة والجمال والرغبات، وتقاسم الناس مصائرهم الغامضة.
الروائي محمد جعفر في هذه الرواية، لا يعتمد على حبكة سردية وحكاية مثيرة تستجدي انتباه المتلقي بقدر ما يدعنا نشارك البطل تأملاته وهواجسه وأوهامه، أرواحه وأشباحه، وحوارات عزلته الداخلية، لنعيد طرح أسئلة الرواية على أنفسنا. وهو بذلك يؤكد حضوره اللافت والمفارق في المشهد الروائي الجزائري والعربي.