كتاب الألحان: ومقتطفات من غلواء بقلم إلياس أبو شبكة .....ربما يملك الشعراء آذانًا حساسةً مُرهفةً، تُسمعهم ألحانًا سرية عذبة يصنعها الكون وقد انتظمت عناصره فيما يشبه الجوقة الكبيرة التي تحفظ الكثير من الأغاني الرائعة المتجددة؛ فتنطلق في موسم الحصاد منشدة بسعادة ألحانًا يملأها البِشر والأمل، تشدُّ من أزر الفلاحين وتحمِّسهم، وتصنع من حركاتهم
النشيطة والخيوط الذهبية لأشعة الشمس الساقطة على الزروع الخضراء لوحةً حيةً رائعة، كمشهدٍ من فيلمٍ غنائيٍّ للأطفال، وتتعاقب الفصول المناخية؛ فالشتاء الوقور له ألحانه المميزة التي لا تخلو من الحزن والخوف، تردِّدها الزعابيب والعواصف، بينما تقرع الأمطار الطبول استعدادًا للربيع الذي ما إن يعتلي المسرح حتى تشاركه الطيور والأطفال الصغار في عزفٍ جديدٍ سعيدٍ كلحظة الميلاد.