كتاب الأهمية الجيوبوليتيكية للجزر الإماراتية الثلاث

تأليف : محمد عبد السلام

النوعية : الفكر والثقافة العامة

..كتاب الأهمية الجيوبوليتيكية للجزر الإماراتية الثلاث بقلم محمد عبد السلام ..تكتسب بعض الجزر أهمية كبيرة من خلال ما تتمتع به من موقع حاكم في المواصلات البحرية أو ما يوجد على أراضيها وفي قاع بحارها من موارد طبيعية وعليه فان مثل هذه الجزر تشكل حافزا للدول الطامعة للسيطرة عليها والتمتع بالوفورات الجيبولتيكية والامتيازات الإستراتيجية التي يمنحها الموقع فضلا عن استغلال الموارد الطبيعية المتوفرة.


في هذا السياق يأتي احتلال ایران للجزر العربية الثلاث (أبو موسی، طنب الكبرى، طنب الصغرى) في عام ۱۹۷۱ وذلك في ظل ظروف دولية وإقليمية خاصة بعد إعلان بريطانيا الانسحاب من منطقة الخليج العربي.
وما سيحدثه ذلك من فراغ أمني يهدد مصالح الدول العظمى في هذه المنطقة البالغة الحيوية والشديدة الحساسية بالنسبة لهذه القوى.
هكذا تبدو عملية الاحتلال بانها اتفاق بريطاني - إيراني على اعتبار آن ایران هي القوة الإقليمية الأكثر قدرة على تأمين انسيابية حركة السفن في مضيق هرمز ولان نظام الشاه كان الحليف الأقوى في منطقة الخليج العربي. وقد اتفقت بريطانيا وايران سرة على اعلان شاه ایران عن تخليه عن المطالبة بالبحرين مقابل السماح له بالسيطرة على الجزر الثلاث وبالفعل اعلن الشاه ذلك واصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يعترف بموجبه باستقلال وسيادة البحرين في ايار عام ۱۹۷۰ وقد وافق حاكم الشارقة لاحقا على اقتسام السيطرة على جزيرة ابو موسی واقتسام عائدات النفط مع ايران في حين رفض امیر راس الخيمة من اعلان عقد أي اتفاق مع ایران بشان جزيرتي الطنب الصغرى والكبرى الا انه على الرغم من ذلك الاعلان قامت البحرية الايرانية باحتلال الجزر الثلاث في 30 / 11 / 1971 وذلك قبل يوم واحد من الانسحاب البريطاني من الامارات واعلان استقلالها وقد بقيت الادارة على جزيرة ابو موسی مشتركة بين الشارقة وايران حتى عام ۱۹۹۲ حين قامت القوات الايرانية باحتلالها وطرد سكانها الأصلين من الجزيرة.
وتعد معطيات الجغرافية السياسية من المقومات التي تصنع خصائص الدولة ( أو الأقاليم التي تتأثر بها الوحدات السياسية، وتتحدد أهميتها سواء بالنسبة لكيانها الذاتي من ناحية، ولعلاقتها التفاعلية مع الوحدات السياسية الأخرى من ناحية أخرى، ويمتد تأثير هذه المعطيات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على وجود وسياسية الوحدة السياسية ومن ثم تحديد دورها في العلاقات الدولية.
ويرى بسمارك في الجغرافية العنصر الوحيد والدائم للسياسة وهنا يظهر لنا جليا أهمية دراسة الخصائص الجغرافية والاستراتيجية (1) الخليج العربي الذي يعد نموذجا واضحا في العالم من حيث تأثير العامل الجغرافي على المجتمع والاقتصاد والسياسة، وضح ذلك "فير جريف" الذي أطلق تسمية ( منطقة الارتطام والتصادم cnusgwone ) على المنطقة البينية التي هي جغرافيا بينية بموقعها بين القوى العالمية الكبرى، وتمثل تلك المنطقة بطبيعتها وبيئتها منطقة انتقال تجمع بين الصفة البحرية والبرية بدرجات متفاوتة، وهي استراتيجيا جبهة تصادم ومن تحد أرض المعركة فيما إذا حدثت بينها، وقد حدد (فير جريف) تلك المنطقة الاستراتيجية وجعلها تشمل الوطن العربي بما فيه الخليج العربي، وهذا ما يثبت بشكل تطبيقي أهمية منطقة الخليج العربي على مر الزمن وهذا ماجعل المنطقة من أهم المناطق الاستراتيجية في العالم، وضمن اهتمامات الدول الكبرى وكذلك الدول النامية، ومحورا من المحاور الأساسية للنزاعات والصراعات الدولية.
إن أكثر الأعداء قابلية وأعظمهم خطرا هم أولئك الذين يقعون عند خطوط الصدع ( lines fault ) بين حضارات العالم الكبرى، كما يقول صامويل هنتنغتون، والخليج العربي كما سنرى يقع على الحدود الدامية بين الحضارتين العربية والفارسية، ثم بين الحضارة الاسلامية والحضارتين الهندية والصينية اللتين وصلت سفنهما اليه في عهد أسرة مين ( ming )، ثم الغربية المسيحية، إذا لم يكن الخليج العربي مجرد تعبير جغرافي فقط، بل كان تعبيرا اقتصاديا حينا، ثم سياسيا أو عسكريا في أحيان أخرى، وتتضح أهمية منطقة الخليج العربي إذا طبقنا عناصر الجيوستراتيجية التي تشمل مقومات رئيسية هي: الموقع الجغرافي، والموارد الاقتصادية، والسكان، والتضاريس، والمناخ، والنظام السياسي، ودرجة التقدم، إذ يتم تفاعل العناصر السابق ذكرها من مادية ومعنوية ونظامية في تشكيل دور المنطقة في المحيطين الاقليمي والدولي.

شارك الكتاب مع اصدقائك