كتاب التجربة الإنجليزية بقلم خالد عادل النصرالله (في إنجلترا قال لي أخي مداعباً وسط حشد كبير من الناس، أشم رائحة الإنجليز).ابتسمت وفكرت وتيقنت فعلاً أن هذه الرائحة لا تشمها إلا عند الإنجليز فهي أشبه بشيء مميز يلتصق بأجسادهم وعندما تحتشد مع عدد كبير منهم تشمها بوضوح.وهناك رائحة مميزة أيضاً تتطفل على أنفي بين المصريين
والإيرانيين والأتراك.لكن لا أعلم ما هذه الرائحة؟ ومن أين تنبعث؟! وإنما أستطيع تمييزها فقط.ربما هي رائحة لا (في إنجلترا قال لي أخي مداعباً وسط حشد كبير من الناس، أشم رائحة الإنجليز).ابتسمت وفكرت وتيقنت فعلاً أن هذه الرائحة لا تشمها إلا عند الإنجليز فهي أشبه بشيء مميز يلتصق بأجسادهم وعندما تحتشد مع عدد كبير منهم تشمها بوضوح.وهناك رائحة مميزة أيضاً تتطفل على أنفي بين المصريين والإيرانيين والأتراك.لكن لا أعلم ما هذه الرائحة؟ ومن أين تنبعث؟! وإنما أستطيع تمييزها فقط.ربما هي رائحة لا تنبعث إلا من تلك الدول التي شيدت على أراضيها حضارات وتاريخ ممتد وعريق.دول تميزت بحضارتها ورائحتها.عندما تكون في إنجلترا ويلتقط أنفك تلك الرائحة فلن تنساها لأنك ستحبها وتهاجمها، وتدافع عنها وتمتدحها وتقدحها، لأنك ببساطة خضت غمارها وتدوّن ما رأيت عيناك ذكرى لن تنساها..من هنا تبدأ المغامرة.. من هنا).استخدم الكاتب حاسة الشمّ ليستدل بها على هوية ما، ونقطة البدء وانطلاقة الأصل والجذور.هوية حضارة وبلد تاريخ له نمطه الخاص فحاسة الشم تعبير مجازي عن حالة التتبع والاستكشاف والفضول وتحريض عقلي مستمر للتنقيب عن مجمل مكونات هذه الحضارة والخاصية التاريخية التي تحدد ملامحها.. دون أن تذوب فيها وتذوّب كيانك وتنسلخ عن ثوبك.فعندما تكون في هذا المكان يحدث نوع من التفاعل، أنت بفكرك وقيمك وانطباعاتك، والآخر الذي تنسجم معه في بعض الأشياء وتلفظه في بعض الأشياء، إن ما يعيب علينا التقليد الأعمى وهضم التجربة الغربية بكل تبعاتها وسلبياتها فتكون في النهاية مسخ.. فالمشاهدة الواقعية والنقد العقلي يرسم لك صورة حقيقية ومحايدة لأنك تحلل بعقلك وتشاهد الحضارة باستنارة ووضوح، ويمكنك أن تحدد موقفك من الآخر بشكل موضوعي فتستفيد من الإيجابيات وتترك السلبيات، فالقواسم الإنسانية المشتركة هي منطلقك في التفاعل مع الآخر.إنه (أدب الرحلات) الذي يذكرنا بعهود قديمة وماضٍ عريق أيقظه قلم هذا الكاتب الشاب بأسلوبه الشيّق الممغنط بالطرافة والظرف وتركيب جمل متينة لغوياً إذ جمع الوصف بالنقد الواقعي وحالة استرجاع لظواهر اجتماعية في بلده الكويت إلى حاضر اجتماعي يعيشه في لندن ومقارنة تعكس ظلالة المشاهد والأحداث اليومية التي يمرّ بها وهو في هذا البلد.إنها تجربة تستحق القراءة وأهنئ الكاتب على هذا الإنتاج الذي يبشر بمتسقبل واعد وقلم فتي مصقول بأفكار صافية ورؤيا جديدة تعكس تجربة جيل الحاضر وطبيعة أفكاره وذائقته ونَفَسهُ الثقافي الخصيب .