وبالتالي لم تظهر المطالبة الراهنة بها نتيجة ضغوط ومستجدات خارجية تفرض على الإسلامويين والمسلمين ضورة اللحاق بالعصر، وتبني قيمه ومفاهيمه وفقاً لشروط الآخر. وهذه مرحلة متطورة في فكر الحركات الإسلامية السياسية التي انتقلت بنا يمكن تسميته "فكر الشبهات"، أي الرد على نقد الإسلام بسبب ما يعتبر فهماً ناقصاً أو مغلوطاً أو مغرضاً لتعاليم الدين. وقد تركز ذلك النقد على موقف الإسلام من قضايا مثل الديمقراطية والمرأة والرق والعدالة الاجتماعية ووضعية غير المسلمين. وهذا ما يسميه بعضهم: التيار الثقافي الدفاعي الإسلامي، مقابل المرحلة الراهنة التي يحاول المسلمون فيها تأكيد الذات. لذلك نفهم حوار الإسلاميين السياسيين على ضوء المرحلة الأخيرة، أي التركيز على خصوصية المجتمعات الإسلامية في التعامل مع الثقافة السياسية والمفاهيم والقيم الآتية من خارج البنية الإسلامية. وفي هذا الصدد، نواجه بأسئلة مثل: أي إسلام نقصد؟ وأية ديمقراطية نريد؟ وهل يقبل الإسلامويون الديمقراطية كاملة أم ينتقون منها ما يساعدهم في تحقيق أهدافهم، أي هل الديمقراطية مقبولة لديهم غاية ووسيلة؟
كتاب التيارات الإسلامية وقضية الديموقراطية - حيدر إبراهيم علي
كتاب التيارات الإسلامية وقضية الديموقراطية بقلم حيدر إبراهيم علي..ظل اهتمام التيارات والتنظيمات الإسلامية السياسية بقضية الديمقراطية لا تيعدى العموميات والمساجلات التي تحاول تأكيد أسبقية الإسلام. ولكن في السنوات الأخيرة لم تعد مسألة الديمقراطية مجرد هم نظري أو نقاش فكري، فقد أصبحت هذه التيارات والتنظيمات مطالبة بتحديد مواقف عملية وتأكيد ديمقراطيتها من خلال الممارسة والعمل اليومي والاحتكاك بالآخرين. لذلك نلاحظ اختلاف معالجة الإسلاميين قضية الديمقراطية على المستوى الفكري والعملي بعد أن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الصراع السياسي. فالحركات الإسلامية السياسية تحاول تنسيب الديمقراطية مباشرة إلى الإسلام، أي بتأكيد أن مفاهيم وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان هي من الشرائع الملزمة للمسلمين،
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.