ليس فقط لأنه يتجاوز الطرق التقليدية في قراءة التاريخ و الحضارة الإنسانيين، بل أيضاً لأن مؤلفه اجتهد في طرح مفاهيم عدة تعين القارئ على المضي في هذا المجال المتشعب من مجالات البحث. وقد اتخذ المؤلف أمثلته من الحضارات الإنسانية المختلفة، مركزا على الحضارة الإسلامية خاصة، لأنها الأقرب إلى الذهن العربي، و الأوثق صلة بتاريخنا، عارضا لأفكار أهم المفكرين المسلمين وخاصة ابن خلدون ونظريته في دورة العمران.
وتنبع الميزة الأهم في هذا الكتاب من أنه يمثل قراءة مختلفة تمحيصا علميا لموضوع الحضارة ومسارها عبر التاريخ، إلى جانب طرحه لأفكار عدد من أهم مؤرخي الحضارات في العالم من أمثال أرنولد توبني بالإضافة إلى استعراض المؤلف كثيرا من المقولات و الآراء التي تداولها الناس في ميدان الحضارة وكأنها مسلمات يقينية، فأخضعها للنقاش العلمي مستنداً إلى ثقافته الواسعة المتخصصة ورؤيته العلمية المحايدة اللتين جعلتا من الكتاب بابا واسعا لقراءة جديدة، خاصة أننا نعيش الآن في مرحلة تتجه إلى صهر الحضارات جميعا في مسعى حثيث نحو هيمنة حضارة عالمية واحدة.
كتاب الحضارة تأليف حسين مؤنس
كتاب الحضارة: دراسة في أصول وعوامل قيامها وتطورها بقلم حسين مؤنس..هذه هي الطبعة الثانية لكتاب “الحضارة” من تأليف الدكتور حسين مؤنس وهو الكتاب الذي بدأت به سلسة عالم المعرفة تواصلها الثقافي مع القارئ العربي، فكان هو عددا الأول الذي صدر في يناير 1978 وتحول من فوره إلى علاقة ثقافية رفيعة مع المثقف العربي تعتز السلسلة بأنها أحد طرفيها. [1] وتعيد السلسلة طبع هذا الكتاب بعد حوالي واحد وعشرون عاماً، انطلاقا من الأهمية الفكرية التي يتضمنها والتي يتجعل منه كتابا ضروريا للمكتبة العربية،