كتاب الربا والحسم الزمني في الاقتصاد الإسلامي‎

تأليف : رفيق يونس المصري

النوعية : العلوم الاسلامية

كتاب الربا والحسم الزمني في الاقتصاد الإسلامي بقلم رفيق يونس المصري‎ ..يمكن اعتبار كتاب الربا والحسم الزمني في الاقتصاد الإسلامي لمؤلفه الاستاذ الدكتور رفيق يونس المصري من افضل المساهمات التي كتبت حول موضوع الربا، وبالأخص جزئية قيمة الزمن في الاقتصاد الاسلامي، يبدأ الكاتب حديثه حول ما هو متداول بين بعض الكتاب والمؤلفين من ان الحسم الزمني في الاسلام ممنوع، ولا وجود له، وهو ما يؤدي الى ان كل زيادة في مقابل الزمن ممنوعة، ويعلق الكاتب على ذلك بأنه في ربا القرض لا يفهم ان ليس للزمن قيمه ماليه بل الصواب ان المقرض تبرع بها للمقترض وفي مقابل هذا استحق ثواب الله في الاخرة.

 وبعد نقاش يخرج بخلاصة ان للزمن قيمة مالية في الاسلام ويتجلى ذلك في ثواب القرض واشتراط اتحاد زمن المبادلة في البيع، لأن الاساس في البيوع هو المعاوضة العادلة في الدنيا، فالمتبايعان متكافئان، اما الاساس في القروض فهو الاحسان لأن المُقرض والمٌقتًرض غير متكافئين، وعلى المُقرض ان لا يربي مع المٌقتًرض، بل ان يتصدق عليه.
ثم يورد الكاتب تعريفا واضحا ومختصرا للأنواع الثلاثة من الربا كل على حدة. ذلك أنه من الأحوط والأوضح ان نعرف كل نوع من انواعه على حدة. فيقول "أن ربا النسيئة زيادة مع الزمن، وربا النَّساء زمن بلا زيادة، وربا الفضل زيادة بلا زمن". ويضيف الكاتب أنه في وقتنا الحاضر يمكن اعتبار ربا الفضل نادر الوقوع باستثناء عمليات صرف العملات، ويبقى امامنا من الربا ربا النسيئه، ورب النَّساء ولهما معا علاقة بالزمن بوجه او بآخر ولعل هذا معنى حديث اسامه "لا ربا إلا في النَسيئة".
ثم يسرد الكاتب ملخصا جميلا لحالات من الربا الحلال والربا الحرام وهو ما يسميه ب(الربا ربوان: حلال وحرام). وملاحظات حول التفضيل الزمني مستدلا برأي رجل الاقتصاد الشهير فون بوهم بافرك (EugenVon Bohm Bawerk )، وهو من رجال القرن التاسع عشر، وقد سبقه في ذلك الامام الشافعي بنحو عشرة قرون، عندما قال "الطعام الذي الى الاجل القريب اكثر قيمة من الطعام الذي الى الاجل البعيد. " وقال ايضا " مائة صاع، أقرب أجلا من مائة صاع أبعد أجلا منها، أكثر في القيمة"، أي أن القيمة الحالية لمائة صاع قريبة الأجل أكبر من القيمة الحالية لمائة صاع بعيدة الأجل.
ولا يمكن الحديث عن الحسم الزمني دون الحديث عن علاقة البيع بالزمن (البيع الآجل)، فإما ان يؤجل فيه الثمن (بيع نسيئة) أو يؤجل فيه المبيع (بيع السلم)، وفي الكتاب بيان جوازهما، مع تفصيل أكثر لبيع النسيئة وبيان أنه جائز بأحاديث نبوية وان لم يكن فيها تصريح بجواز زيادة الثمن في مقابل الاجل. إلا ان هذا تم استنباطه من احاديث ربا البيوع. فالربا حرام في مواضع مخصوصة كما في ربا القروض المشروط. وكما في البيوع التي فيها شبهة القرض. أما في سائر الحالات، فتبقى الاشياء على اصلها من الاباحة. كما أورد الكاتب قائمة بالفقهاء الذين قالوا بأن للزمن حصة (قسطا) من الثمن. وتحدث الكاتب عن استخدام بيع النسيئة وبيع السلم في التمويل المباشر. بشرط ان لا ينفك التمويل عن البيع حتى تبقى المبادلة سلعة بنقد.
ثم تحدث الكاتب عن جواز ضع وتعجل، وبيان اسماء الفقهاء ممن اجازه. وهو ما يعرف اليوم ب (حسم تعجيل الدفع) ، ففي علاقة البائع مع الشاري مباشرة جازت الزيادة للتأجيل والحطيطة للتعجيل، لأن لكل أجل قيمة ترتبط بهذا الأجل، لا تتقدم عنه ولا تتأخر، غير أن الامر يختلف اذا توسط هذه العلاقة المباشرة شخص ثالث (مصرف مثلا)، وفيه بيان عدم جواز الحسم المصرفي.
واشار الكاتب الى ملاحظة مهمة جدا في ان حديث الذهب بالذهب .... حديث متعلق بربا البيوع، وهو غير ربا القروض. فالقرض يخرج مخرج الإحسان والبيع يخرج مخرج العدل. ويمكن التميز بين البيع والربا: شرعا البيع تبادل صنفين مختلفين. في حين ان القرض تبادل صنفين متماثلين . وشبهة القرض تبادل صنفين متقاربين.
ثم يتحدث الكاتب عن علاقة الربا بالربح، اذ ان مفهوم الربا مختلف عن مفهوم الربح، وقد يتطابقان احيانا، ويختلفان احيانا اخرى، وهو الغالب، وقد يجتمعان، فيكون الشيئ حراما لما فيه من رباً ولما فيه من ربح فاحش. وكثيرا ما يتردد في عالم الاقتصاد من ان تحريم الفائدة يفقد رجال الاقتصاد والتخطيط أداة مهمة من الأدوات التي يعتمد عليها في تقويم المشروعات. غير أن الاسلام حرم الفائدة، ولم يحرم الربح، وعلى هذا يكون معدل الربح المنتظر في الاقتصاد الاسلامي بديلا لمعدل الفائدة في الاقتصاد الرأسمالي. ومن المعلوم ان معدل الربح معدل زمني، اي مرتبط بزمن معين، وليس من المعقول ان لا يكون للزمن اعتبار في معدل الربح، وبهذا يتبين ان منع الفائدة على القروض وجوازها في البيوع لابد وان يسمح بوجود معدلات فائدة في السوق الاسلامية. تمثل نسب الزيادة على الاثمان المؤجلة او نسب الحطيطة فيها على المبيعات المؤجلة. وهذه المعدلات جائزة وفقا لم تم بيانه في الكتاب.
ما ورد في هذه المراجعة يعبر عن رأي الكاتب لذلك لا يمكن تكوين رأي أو حكم دون العودة الى الكتاب وقراءته.
كتب المراجعة د. مصطفاوي الطيب رمضان 1441 ماي 2020.

شارك الكتاب مع اصدقائك