من الحقائق التي لا تحتاج إلى براهين أن الشخصية الإنسانية في جميع مراحل نموها, وفي جميع الأوضاع التي تجد نفسها فيها تستمر في التطور. ولكن بالإضافة إلى التطور الذي لا دخل للعوامل البشرية في توجيهه نجد التطوير.
والتطوير والتطور صنوان لا يفترقان, والفرق بينهما أن التطوير مقصود وخاضع للتخطيط, بينما التطور تلقائي أو لا دخل لإرادة البشر في ترسم أهدافه أو في التخطيط له. ولم يبدأ الكتاب بمرحلة الطفولة - كما اعتاد الكتاب أن يبدءوا عندما يتناولون مراحل العمر- وإنما بدأ بالمرحلة الجنينية, وانتهى إلى مرحلة الشيخوخة التي نلاحظ أنها لا تأخذ حقها في التناول والمدارسة كالعادة. وقد تناول الكتاب تأثير الحضارة في تطوير الشخصية الإنسانية, وكذلك الدور الذي تضطلع به التربية في هذا الصدد, وأيضًا الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام. وبعد هذا تناول ديناميات الشخصية, وما لها من أثر في تطويرها, فتدارس أثر المدركات الحسية والذاكرة والمخيلة والتجريد والتعميم والذكاء والحدس والإلهام في العمل على تطوير الشخصية. ويبقى الكتاب – في النهاية – بين يدي القارئ ينهل ما فيه من ثقافة ثرية,ومعارف فتية. ولعل إصدار هذا الكتاب – ضمن السلسلة الثقافية التي تصدرها المؤسسة العربية الحديثة – يزيد الوعي الثقافي بالشخصية المتطورة خلال مراحلها المختلفة.