كتاب العداء المعجزة من تأليف أوسكار بيستوريوس..جميل أن يكون الإنسان متصالحاً مع نفسه رغم الإعاقة، فكم واحداً منا لا يشكو من شيء ومع ذلك تراه غير راضٍ، فما الدافع وما الكابح لهذه المفارقة؟ بالتأكيد "النجاح" في أمر أنت تحبه وترضاه لنفسك.
هذا هو حال بطل كتابنا "العدّاء المعجزة" الذي خطه بيده، إنه "أوسكار بيستوريوس"، يقول: "لقد ...ولدتُ مع نقص في عظمتين هامّتين في كلٍّ من ساقيّ: إنها القصبة الصغرى، أي العظمة الخارجية من الساق".هكذا يسرد أوسكار بيستوريوس رحلته في هذه الحياة بحلوها ومرها حيث تمّ بتر ساقيه كلتيهما من أسفل الركبة منذ طفولته وتركيب طرفين اصطناعيين.
أحاطه والداه بالرعاية والحنان والتشجيع منذ الطفولة، فبرزت لديه هواية الرياضة فشارك في عدة أنواع من الرياضة في البداية مثل التنس، كرة القدم، والمصارعة حيث سمح له باستخدام جزءه العلوي فقط، فربح أول ميدالية في المصارعة والتي يصفها بأنها لحظة لا تنسى، ولكن أجمل ما حدث لهذا الشاب الصغير، أنه وقع في حب أميرة اسمها فارين مارتن يقول: "حتى أنني منحتها وردتي الأولى في ذكرى العشاق في سني عمري الثماني الغضة، ولم يخمد هذا الحب حتى أصبحت في الثالثة عشرة من عمري".
وبأسلوب سردي مشوق يبعث على الأمل، ينتقل بطلنا من سرد مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب وعشقه لرياضة الركبي، حيث تمّ اختياره للمشاركة في الألعاب البارالمبية في أثينا في العام 2004 يقول: "لقد أرعبتني فكرة التنافس مع بعض أساطير الرياضة اليوم، مثل الأميركيين برايان فراشر ومارلو شيرلي؛ وهما رياضيان بساق مبتورة واحدة، وبالتالي من الممكن أن يكونا أكثر قوة مني. لقد كانت الرياضات البدنية جديدة عليّ، فلم أكن قد تعلمت بعد استخدام لوحات الانطلاق بشكل صحيح، ولم أشعر بأنني جاهز للتنافس على مستوى دولي".
ولكن بالإرادة والعزم يمكن أن ينجز الإنسان المستحيل وهكذا دائماً العدّاء المعجزة، يقول: "من دون أن أعلم، غير فوزي وحصولي على الميدالية الذهبية في الألعاب البارالمبية في أثينا عام 2004 حياتي إلى الأبد، فقد أصبحت بين عشية وضحاها شخصاً مشهوراً في عالم الرياضة، إن اهتمام أجهزة الإعلام ووجهة النظر التي تبنتها رفعاني إلى مستوى بطل خارق للمعوقين في أقطاب العالم".
سيرة ممتعة، توقد الأمل بداخلنا، وتخترق نفوسنا، لتقول لنا إن النجاح في الحياة أمر ليس بمستحيل، وإن على الإنسان أن يتخطى الصعاب والإعاقة إن وجدت، فالخاسر ليس الذي يصل متأخراً وإنما من بقي متفرجاً".