كتاب العملية التربوية بقلم جيروم س. برونر ، ترجمة محمود أحمد عبد القادر الشهرة محمود الفرعوني ... أسهم برونر إسهامًا كبيرًا في علم النفس المعرفي بأبحاثه في الذاكرة والإدراك الحسي واللغة. حيث يتناول في هذا الكتاب تجديد البُنية الأساسية للتعليم وإصلاح مناهج التعليم الابتدائي والثانوي، حيث يحدثنا عن نمو القدرات المعرفية الطفل وضرورة بناء المنهج الدراسي كي يتلاءم مع خصائص النمو. وهو يهدف إلى تكوين صورة واضحة ومتكاملة لبنية المادة الدراسية، ويرى أن تعلم البنية هو معرفة كيفية ارتباط الأشياء، ويقصد بهذه البنية المفاهيم والعموميات والنظريات الخاصة بأي فرع أكاديمي وطرق وأساليب البحث التي تؤدي للتوصل لهذه الأساسيات المعرفية. كما يرى برونز أن أفضل طريقة لإثارة الاهتمام بموضوع ما هي جعله يستحق المعرفة، مما يعني جعل المعرفة المكتسبة قابلة للاستخدام في التفكير بما يتجاوز الموقف الذي حدث فيه التعلم. فإذا ما تم التغاضي عن ذلك- يتحول التعليم إلى مومياء جامدة. لذلك يثير سؤال "كيف نستعين بالعلماء والباحثين في تصميم مناهج التعليم الابتدائي والثانوي؟ ويرى أن المعرفة التي يكتسبها المرء دون وجود بنية كافية لربطها معًا هي معرفة عرضة للنسيان. وأن مجموعة الحقائق غير المترابطة لها عمر قصير في الذاكرة، وتنظيم الحقائق فيما يتعلق بالمبادئ والأفكار التي قد تستمد منها هي الطريقة الوحيدة للتقليل من سرعة فقدان الذاكرة البشرية. وأن تصميم المناهج بطريقة تعكس البنية الأساسية لأحد مجالات المعرفة يستلزم الفهم الأساسي لهذا المجال. إنها مهمة لا يمكن تنفيذها دون مشاركة فعالة لأمهر الباحثين والعلماء يقدم المؤلف تطبيقان تربويان مشهوران هما: تعليم المفاهيم، والتعليم بالاكتشاف. وحيث أنه من مؤيدي التعليم بالاكتشاف، فإنه يرى أنه يمكن تعليم أي مادة بشكل فعال وبصورة عقلية مناسبة لأي طفل في أي مرحلة من مراحل النمو. وقد انطلق من مبدأ أن الإنسان كائن فاعل ومتفاعل مع البيئة؛ لذلك يجب أن تعكس مواقف التعلم هذا المفهوم، فتتيح للفرد فرصة التعلم من خلال استثمار طاقاته العقلية، وإبراز دوره الإيجابي في مواقف التعلم؛ ولتحقيق ذلك يجب أن يتحول موقف التعلم من حشو ذهن الطالب بالمعلومات والحقائق إلى تقديم المعلومات بطريقة تمكنه من اكتشاف العلاقات بينها، والوصول إلى القوانين والمبادئ التي تحكمها. وأن الغاية من التعليم ليس إنتاج حمقي واثقين من أنفسهم. إن القضية الأساسية عند برونر هي كيف نتمثل نحن الكبار المعرفة، ومن ثم نقدمها تقديمًا مناسبًا للتلميذ حتى يتمكن من تمثلها. وأكد على تطوير برامج تعليمية أكثر فعالية من خلال اختبار الأطفال لها ثم تفاعلهم معها ثم ترميزها. واهتم بمسألة إتاحة الفرصة للطلاب لاكتشاف معنى بنية المادة التعليمية بأنفسهم. تناول المؤلف مجموعة من النقاط الهامة للتعلم بالاكتشاف وهي:1. استثارة اهتمام التلاميذ بموضوع التعلم (الدافعية): قبل أن يبدأ موضوع الدرس يجب أن نتأكد من أن التلاميذ على درجة من الانتباه والتيقظ والرغبة في التعلم. ويمكن للمعلم أن يحقق تلك الاستثارة لجذب اهتمام التلاميذ بعدة أساليب، كأن يبدأ بسؤالهم عن بعض القضايا المرتبطة بالموضوع أو بأهمية الموضوع لحياتهم الخاصة، وللمجتمع بوجه عام. 2. أخذ مستويات التلاميذ بعين الاعتبار: لا يمكن أن يتم التعلم إذا لم يأخذ المعلم باعتباره المستويات العقلية للتلاميذ؛ لذلك يجب أن يعكس التدريس هذه المستويات. 3. تسلسل المعلومات: حيث يرى أن كثيرًا من الموضوعات يمكن تدريسها للتلاميذ في المراحل المختلفة، لكن الأمر يعتمد علي الكيفية التي تنظم بها هذه الموضوعات، وهذا ما يطلق عليه المنهج الحلزوني، حيث يمكن إعادة كثير من الموضوعات في المراحل الدراسية المختلفة، بشكل موسع، وباستخدام أنماط التعليم المختلفة. ويصف برونر ثلاث مراحل للنمو المعرفي هي:1. مرحلة التمثيل العملي (المستوى الحسي): وتبدأ إثر الولادة حتى نهاية الطفولة المبكرة، وفي هذا المستوى تستخدم الأشياء مباشرة أثناء عملية التعلم عن طريق الحواس، والتي يرى أن الخبرة والفعل عمليتان متكاملتان، إذ لا يمكن فصل الطفل عن بيئته. 2. مرحلة التمثيل الأيقوني (المستوى شبه المجرد): إذ يكون بوسع الطفل تمثيل العالم من خلال الصورة التي تعتمد على فعله ونشاطه هو، أي الصورة الخاصة به وحده. وفي هذه المرحلة يتعامل الطفل مع صور الأشياء، بدلًا من الأشياء الحقيقية المحسوسة حيث يكوِّن تصورات واضحة عن الأشياء، ويمكنه أن يفسر رسومًا تخطيطية أو حل مسائل سهلة التركيب. 3. مرحلة التمثيل الرمزي (المستوى المجرد): وفيها يتعلم الطفل أن الأشياء لها أسماء. وفي هذا المستوى تزيد قدرته على تعلم الأشياء المجردة حيث يتعامل مع الكائنات والأشياء من خلال الرموز المجردة وربطها بالواقع.