عندما خلت الساحة بقي وحده للحظة. ثم فجأة فتحت أبواب مغلقة اندفع منها رجال موثوق. كانوا الآن معه وسط الساحة. لقد بدوا بعد أن سطعت الأنوار عليهم منتصبين كالشجر. كانوا هناك بجباههم المضاءة وعيونهم المشعة بإيماضات سرية، ثابتين، أبصارهم

  وصدورهم مشدودة بقوة غريبة نحو الجنود المتأهبين. كان الصمت يغطي الساحة الآن بجلال بهيج، بافتتان مدهش لا حدود له. وكانوا الآن وقوفاً فوق الضفة الخضراء على أتم استعداد دون جلبة بانتظار المطر. وكما تتتالى موجات من الرعد المتواصل، هكذا أقبل البحر طاغياً مجتاحاً وسط ظلام أضيء بنجوم من دم.