انطلاقا من فرضية أن أي سؤال يُطرح على مؤلف ما يتوجه في الوقت ذاته إلى المؤلفات المعاصرة له، فإننا في فسم أول عقدنا مُوازنة بين المقامات ونصوص من القرن الرابع (بعضها يكاد يكون معروفًا) ، وحاولنا، انطلاقا من هذه الموازنة، أن نستجلي عددًا من الأنساق التاريخية والجعرافية والاجتماعية والشعرية. وفي قسمٍ ثان، بحثنا في الأنساق التي كانت في الأصل من التلقي الذي خُصَّ به معاصرو الهمذاني وأعقابه المباشرون مقاماته. وينظر القسم الثالث، المخصص للحريري، في الأنساق القديمة للقراءة بالقياس إلى الأعراف الحديثة للقراءة. ونعتقد أنه آن الأوان للانكباب على المقامة التي ظلت أمدًا طويلًا معروضة في متحف يعلوها الغبارشيئًا فشيئا. ومن حين لآخر، كان يذهب سائحون أو مواطنون لتأملها نافضين برؤوسهم باستياء أو نافخين صدورهم بكبرياء. ماذا نصنع بالهمذاني والحريري؟ ونحن متفقون على أن هذه الأسئلة عسيرٌ حلها إذ نحن مورطون فيها. والحال إننا نعكف على درس أنفسنا حين نعكف على النص الكلاسيكي، والخطاب عن الماضي هو الآن في ذاته خطاب عن الحاضر.