هذا الكتاب في الأصل هو أطروحة المؤلّف للدكتوراه عام 1994. ولي سيد نصر هو الآن عالم سياسي مبرّز وعميد كلية الدراسات السياسية والاستراتيجية التابعة لجامعة جون هوبكنز، ويعدّ من المتخصصين في سياسة الشرق الأوسط وثقافته، إذ إلى جانب تكوينه الأكاديمي
هو من أصلي إيراني، هاجر وأبوه الفيلسوف سيد نصر إلى أميركا بعد الثورة الإيرانية 1979. يستقصي المؤلف في هذا الكتاب، من خلال رحلة ميدانية وبحثية طويلة، سيرة أبي الأعلى المودودي؛ أحد أبرز منظّري الإسلام السياسي، الذي يراه المؤلف أبا الإسلام السياسي والمؤثر الأهم، ليس في شبه القارة الهندية فحسب، بل وحتى في المجال الشيعي الإيراني، من خلال الخميني، وفي المجال السني العربي، من خلال تأثّر حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين بأفكاره الشمولية التي ترجمها أبو الحسن الندوي مبكرًا. حراك المودودي قبل انفصال باكستان وبعده هو ما يحاول أن يستقصيه هذا الكتاب، إذ يرسم الكتاب شخصية المودودي بنفَس أكاديمي موضوعي لا يخلو من بعض المفاجآت، ومن بينها إبراز براغماتية المودودي وتقلّباته طوال حراكه السياسي، على سبيل المثال يحكي المؤلف أن المودودي ألّف في شبابه كتابًا تبجيليلًا عن «غاندي»، ويحكي تقلّباته الأخرى قبل وبعد تأسيس «جماعة إسلامي»، غامزًا من أن تكوينه كان أقرب إلى الصحافي من العالِم، وموافقًا في هذا ما حكاه فضل الرحمن مالك الذي قال مبررًا خروجه من باكستان، بعد مضايقات المودودي وأتباعه له، «لا يستطيع العالِم أن يهزم صحافيًا»، وفي هذا السياق، يرى المؤلف أن المودودي تأثر ببعض أفكار السلفية الهندية ولم يكن مطّلعًا على أدبيات الدعوة السلفية النجدية (دعوة ابن عبد الوهاب).