و أصعب شيء عندي هو تسمية الأشياء و الحكم عليها, إنني أحب أن ألعب دور المجامي أكثر من دور القاضي, إن الحكم علي الناس مسئولية مرهقة, إلي جوار أنه ظلم فاجع لأن الإنسان لا يعرف حقيقة النوايا, و بالتالي فإن حكمه مقصور علي الوقائع, من المهام الصعبة علي نفسي أيضا كتابة مقدمات للكتب .. فهذه المقدمات تكون عادة إطراء للكتاب, و هذا الإطراء إذا كان جائزا بين الكاتب و الآخرين من زملائه, فإنه لا يجوز بالنسبة للكاتب و مؤلفاته ..
و المفروض أن يغني الكتاب بذاته عن أي مقدمة له, و لقد درج بعض الكتاب علي أن يحدثونا في مقدمة كتبهم عن الجهد الذي بذلوه خلال تدبيج الكتاب و كيف كانوا يكتبون بدمهم و أعصابهم و عقولهم ..
بالنسبة لي لا أستطيع الزعم أن هذا الكتاب قد كتب مثلا بالدم أو بعصارة العقل ..
إنني لا أكتب بأعصابي و دمي, و إنما أكتب بقلم من الرصاص لا يزيد ثمنه علي جنيه أو جنيهين .. و أحاول حين أكتب أن أتجنب الإنفعال و الغضب ..
و ربما كنت غاضبا و ثائرا من موقف ما, و لكنني حين أتعرض لهذا الموقف أحاول قدر الطاقة أن أكون محايدا, و موضوعيا, و حريصا علي معرفة الرأي الآخر و عدم نفي حامله أو اعتباره غير موجود..
و الكتاب تأملات في الحب و الحياة و أحيانا في السياسية ..
و قد آثرت جمعها للقاريء المصري في كتاب اليوم .. و هو كتاب له قيمته و له شعبيته معا.
