كتاب تفسير الاحلام

كتاب تفسير الاحلام

تأليف : الفارس الذهبي

النوعية : تفاسير الأحلام

حفظ تقييم

كتاب تفسير الاحلام بقلم الفارس الذهبي..لماذا تكون قراءتنا لكتب الأصدقاء أشبه بمشاهدتنا للأفلام المعروضة على شاشة التلفزيون المنزلي,:نتابعها مجزأة وباسترخاء وكأننا نعاقبها على المجيء إلينا بيسر وسهولة دون كلفة أو تثاقل أو عناء. لقد خط قلمي هذه العبارة على الصفحة الأخيرة من(تفسير الأحلام) للفارس الذهبي وشردت قليلا تماما كما يحصل لي نادرا بعد متابعة فيلم غريب الجمال منعني من الاسترخاء.


تفسير الأحلام يمد لك يده بهدوء المنومين والسحرة، ويأخذ بحواسك نحو لعبة التباس ممتعة تبدأ بإخراج الكتاب: فصورة الغلاف ليست تلك التي قرأ بها (دالي)لوركا وإنما (يرما)أخرى(وفي بنطلون) للفنانة صفاء الست وهي تفسر ما لا يفسر فيما يرى النائم الواقف والحزين.
عادة ما يعود القارئ أثناء القراءة في حركة تبدو شبه واعية إلى عنوان الكتاب الذي بين يديه ليقارب بين العنوان وما يستظل تحته من كلام أما لدى الفارس الذهبي
فلا يجد مايتوقعه أو يريحه بل مزيدا من محو الأثر والمباغتة .تعيد النظر في تسلسل القصص فتكتشف قصة أخرى ,قطارا سرديا واحدا لا تنقصه أي عربة ولا يمكن أن يستغني عن أي واحدة فيه ,يمضي ليكتمل قول نفسه عند كل محطة ,إنها لعبة صناديق قصصية بامتياز بل هو القطار نفسه حين يمسي شعرا عرباته القصص كما ورد في صفحة محتوى الكتاب:
إنكار الحلم :هلوسات أحلامها وأمنياتها
صفاء الذهن يعكر نوم أصدقائي
أما أنا...طوفان أبيض ابيض
لاتعبث بماضيك فالتاريخ قد يستيقظ ويكرر نفسه....

يبدو في الإطلالة الأولى انه كتاب تفسير الأحلام بالأحلام,ولكن ,أين هي النسخة الأصلية من الأحلام؟!..إن الأمر محير كمن يستعيظ عن كتاب مفقود بقراءة حواشيه..!
لعل ذلك أمتع ما شدني إلى هذه القصص التي تدعي كل واحدة منها تفردها، ولا تعلم أنها شظية من رواية لا تريد أن تعلن عن ترتيب أو حتى تقديم نفسها, رواية مستحيلة وخجولة لا تكاد تطل برأسها خشية من التصنيف النقدي المدرسي.
مفردات (تفسير الأحلام) عنيفة لغة وشخوصا وأحداثا،أما اليد التي تمسك بالخيوط فشديدة الحساسية والنباهة لأنها تحرك ما يجب أن يتحرك وتنطق ما يجب أن ينطق(حتى الأفاعي) لذلك وجدتني في لحظات كثيرة أمام نصوص تخلط بين قارئ ومشاهد في قصدية واضحة وتراتبية مشهدية لا تكتبها إلا عدسة الكاميرا مثل(مربى الورد الأحمر فوق الرخام الأبيض...غيوم تسكن الجبل والرجال ينظرون من النافذة....أما رشيد فألقى نظره إلى المدينة...مساحات المطر ترشق المطرات البنيات إلى الأرض بعيدا عن زجاج السيارة,لكنها كانت تزحف إليه بشكل مخيف....بدا ينظر إلى الجميع وكلما التقت عيناه بعيني أي شخص فض اللقاء بسرعة........مد إصبعه ومسح الشباك فظهر خط واضح في اثر إصبعه, نظر إلى إصبعه فوجده مبتلا بقليل من الرطوبة...الخ).
زاد هذا الكتاب من قناعتي بان القصة هي فن التلصص بامتياز وان الكتابة بالممحاة هي زاوية الكاميرا ودرجة الضوء في لغة السينما وان من لا نوافذ في بيته لا يمكن أن يكون قاصا أبدا.
يخيل إليك وأنت تقرا تفسير الأحلام بأنه كتاب سري وضعه احد أهل التقية في القرون الماضية لشدة إتقانه للعبة الغموض والتواري وحرصه على الحوار الأبدي بين الأرض والسماء وما بينهما من ماء تتراشقه الذكورة والأنوثة.
تفسير الأحلام كتاب رائع أظنه جدير بالقراءة دون استرخاء.