كتاب رسائل صدر الدين القونوي وأجوبة نصير الدين الطوسي

مجموعة مؤلفين

الفكر والثقافة العامة

كتاب رسائل صدر الدين القونوي وأجوبة نصير الدين الطوسي بقلم مجموعة مؤلفين..يُعَدُّ الحوار بين العلماء من الوسائل التعليمية الفائقة، إذ يتناولون في رسائلهم مسائل دقيقة يتعثر فهمها بفكرٍ أُحاديٍّ، ولذا جعلوا مِن الحوار في تلك المسائل سببًا للدوران حولها ووسيلة في كشف حقائقها أمام تلاميذهم، وقد جمع هذا الكتاب الرسائل المتبادلة بين عَلَمَيْن مِن أعلام الثقافة الإسلامية، أما الأول فهو: * الشيخ الكبير صدر الدين القونوي (607 - 672هـ)، ربيبُ الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الحاتمي الأندلسي وتلميذه الأشهر، وهو أحد أقطاب التصوف الإسلامي عامةً، وأحد أعمدة المدرسة الأكبرية أيضًا.


* وأمَّا الأخَر فهو:
* نصير الدين الطوسي (672هـ)، أحد أساطين الفلسفة وشارح مؤلفات ابن سينا وغيره،

* ويحتوي الكتاب على "الرسالة المفصحة عن منتهى الأفكار وسبب اختلاف الأمم، والموضحة سِر الاهتداء إلى الطريق الأشرف الأَمَم"، والتي أرسلها الشيخ الكبير صدر الدين القونوي إلى الفيلسوف الحكيم "نصير الدين الطوسي" بغرض الإجابة على ما حوت من الأسئلة.

* وتبدأ الرسالة ببيان أقسام الناس من حيث القسمةِ العقليةِ، وأنهم على ثلاثِ طبقات: طبقةٌ عُليا؛ هُم أرباب الهِممِ السامية الراقية لاكتساب المعالي والكمالات، الطالبة لمعرفة الحقائق العَليَّة وسيَّما معرفة الحق تعالى. وطبقةٌ وسطى، وهُم أصحاب الفكر النظري، والنظر العقلي، وطبقةٌ سُفلى؛ هُم عوام الناس ممن انكبوا على الأمور الحياتية.
* ولمَّا كان أهل الطبقة العُليا هم المقصودين في هذه الرسالة، وضَع الشيخُ الكبير صدر الدين القونوي بعض الأسئلة التي توقف أمامها في شبابه، وقد أرجع هذا إما إلى قصور إدراكه، أو لتعارُض أقاويل أهل البحث والتحصيل فيها، مع عدم براءة أقوالهم من شين الشكوك والاحتمالات، ولمَّا كان الله تعالى قد اجتذبه بعنايته وعرَّفه ما شاء من العلوم والمعارف، فعَلِم أجوبة تلك المسائل وغيرها، بعد التحقق بمعرفته تعالى؛ بواسطة توجهه إلى الحق بالتعرية والافتقار؛ على نحو ما استفاد من شيوخه أولي الأيدي والأبصار.
* فكان تحصيله العلوم بطريق الكشف والذوق، ولكنه أرسل هذه الأسئلة إلى مُعاصره الفيلسوف نصير الدين الطوسي؛ ليجمع بين الأمرين في معرفة تلك المسائل؛ ويعني بالأمرين: البرهان والعرفان. ويمكن إجمال هذه الأسئلة، في النقاط الآتية:
* الوجود والماهية، مسألة الواحد لا يصدر عنه إلا واحد. حقيقة النفس الإنسانية، الأجسام وتناهيها، وما الموجب لتناهيها، وهل يمكن ألا تتناهى؟ وما حالها إذا انقطع تعلقها بالنفس المدبرة لها.حقيقة الفيض الصادر من الحق.

* النِّسَُب بين الموجودات،
* وقد أجاب الطوسي على هذه الأسئلة بقدرة منطقية فائقة، موضحًا أنه يتفق مع الشيخ الكبير صدر الدين القونوي في أن معرفة الحق تعالى في أجلى مراتبها إنما هي حاصلة بطريق الذوق الصحيح والكشف الصريح،

* فلمَّا وصلتْ تلك الأجوبة إلى الشيخ الكبير صدر الدين القونوي، كتب "الرسالة الهادية"، وقد تعقَّب فيها ما ذكره الطوسي بأسلوب يجمع بين التحليل الدقيق للمعاني والأدلة وبين العرفان.
* وقد رأينا أن تكون خاتمة تلك الرسائل رسالة الإمام صدر الدين القونوي المسماة "نفثة المصدور"، وهي مناجاة مِن أنفاس التوحيد، فيها فرائد التجريد، ودُرر التنزيه والتمجيد والتحميد، نسأل الله أن ينتفع بها من شاء من خلقه وأن يجزي مشايخنا عنّا خير ما هو أهله، وأن يرضى عن الشيخ الكبير سيدي صدر الدين القونوي وينفعنا بعلمه كما انتفع به الأجلاء ممن سبقنا فهو -رضي الله عنه- علمٌ من أعلام الدين وجبلٌ مِن جبال اليقين.

شارك الكتاب مع اصدقائك