كتاب سلسلة المستنبطات العلمية بقلم محمد محمود الحيلة..من المواضيع المهمة والفريدة في جميع أنحاء العالم موضوع العلوم بفروعه المختلفة الكيمياء، الفيزياء، الاحياء، الجيولوجيا، ويعود ذلك الى تنوع مواضيعه وارتباطها بشكل مباشر بحياة المتعلم وخبراته، وتنوع استراتيجيات وطرائق تدريسه ووسائلة ومواده، بخلاف معظم المواد الدراسية الاخرى التي يمكن تعلمها بتوافر الادوات الاعتيادية كالأقلام والورق والسبورات والكتب المدرسية. والافلام وبعض الوسائل التعليمية الأخرى، طبعأً هذه الوسائل والادوات التعليمية ضرورية لتدريس العلوم، لكن الاقتصار عليها فقط، يجعل من درس العلوم موضوعا جامداً ومملاً.
لذا، فمن المفروض في دروس العلوم ان يتعلم الطالب العلم، لا أن يتعلم عنه، ولكي يكون تعليم العلوم فعالاً يجب ان يقترن بالتجريب الشخصي، وهذا ليس بالأمر العسير، فالعلم متصل بحياة كل متعلم ذكراً كان أم انثى اتصالاً وثيقاً فلا مبرر لحصر دراسته في قراءة الكتب المدرسية او سماع المحاضرات، لذلك، انظر حيث شئت في هذا العالم تجد العلم جزء من صميم البيئة.
إن تدريس العلوم بشكل فعال ومتقن يرتكز على عاملين هما: الملاحظة والتجريب ، لكن اجراء التجريب والتدرب على دقة الملاحظة يتطلبان وسائل خاصة يفتقر إليها في أجزاء كثيرة من العالم خاصة في مرحلة التعليم الاساسي. وهذا ما يعيق تدريس العلوم في تلك المناطق الى حد كبير، وحتى في المناطق الغنية فالمتعلم بحاجة الى وسائل ومعدات ومستنبطات بسيطة متصلة ببيئة المتعلم وخبراته. ففي عالمنا التكنولوجي اليوم اماكن عديدة تنقصها التسهيلات والاجهزة والأدوات اللازمة لتنفيذ دروس العلوم بشكل فعال يساعد المتعلم على اكتساب مهارات: الملاحظة، والمقارنة، والتصنيف، والتفسير، ووضع الفرضيات واختبارها ، واصدار الاحكام، وحل المشكلات واستخلاص النتائج، والاستقصاء والقياس. إن هذه الاماكن كما ذكرت قد توجد في أكثر تقدماً في نواحي العلوم التطبيقية، كما أنها قد توجد في مناطق أخرى.
وهناك اعتقاد خاطئ لدى بعض مدرسي العلوم بأن استعمال المختبر المدرسي لتنفيذ دروس العلوم حتى في المرحلة الاساسية الاولى يتطلب اجهزة دقيقة ومعقدة، وهذه الاجهزة تنتجها شركات صناعية تجارية متخصصة، وبأثمان مرتفعة بحيث يتعذر على معظم المدارس شراؤها. كما أن مثل هذه الاجهزة لا تتوافر في أجزاء كثيرة من العالم. إما لأنها لا تصنع محلياً، او لعدم إمكانية شراؤها بسبب أسعارها المرتفعة.
وقد يقوم البعض ان الحاسوب في الوقت الحاضر قد حل بعض المشكلات التعليمية والخاصة بالتجارب والأجهزة العلمية من خلال برامج المحاكاة، وتنفيذ التجارب من خلال برامج العلوم المحوسبة، ولكن ، هذا القول غير صحيح لأننا لا نستطيع الاستغناء عن التجارب الحقيقية المحسوسة.
وبذلك، جاءت هذه السلسة "المستنبطات العلمية" لدعم المساعي الدولية المبذولة والتي تبذل حاليا في القرن الحادي والعشرين لرفع مستوى تدريس العلوم، وذلك من اجل تحويل عملية التعليم الى عملية تعلم قائمة على الاستقصاء والاستنتاج وتفعيل العقل والابداع. ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بايجاد بيئة تعليمية نشطة وغنية بالنشاطات والمواد التعليمية المحسوسة والمثيرة للتفكير.
تنطلق هذه السلسلة " المستنبطات العلمية" من وجهة نظر تقوم "إن العلم يدرس ويتعلم على أحسن وجه حين يمارس الطلبة والمعلمون معاً المهارات وسبل حل المشكلات بالاسلوب العلمي في دراسات جماعية وفردية. إن ابتكار التجارب السهلة، واستنباط الاجهزة البسيطة والبديلة لتنفيذها من خامات البيئة المحلية يجب أن تشكل جزء اساسياً من استراتيجية المعلم التدريسية.
لذلك، فإن هذه السلسلة تضم تعليمات لصنع العديد من المعدات والاجهزة العلمية البسيطة من مواد توجد عادة في كل مكان، كما وأنها تعرض عددا وفيراً من التجارب العلمية التي يستطيع المدرس أن يختار منها ما هو أكثر ملاءمة لإبراز الملاحظات التي يبنى عليها التعلم الفعال.
إن ابتكار التجارب العلمية واستنباط الاجهزة البديلة والبسيطة لتنفيذها، أمران يجب أن يعتبرا من أكثر الوسائل التعليمية التعلمية فاعلية في تدريس العلوم، فالكثير من عباقرة العلم، والعلماء في شتى العصور قد استخدموا مثل هذه الاجهزة المبتكرة، كما ان الكثير من المخترعات العظيمة تمت بمثل هذه الاجهزة البسيطة.