تمثل شعب الإيمان السبع والسبعون عند الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله روافد يتألف منها نهر الإيمان، وهي "ركائز سلوكية لا يمكن لطامح في مقامات الإحسان وسلوك طريق العرفان أن يتجاوزها أو أن يتنكبها، وإلا كان كمن يبني على غير أساس" ، وهي إما أعمال تُثْمِر الإيمان كقول الكلمة الطيبة، أو أعمال ناتجة عن الإيمان كإماطة الأذى عن الطريق، أو مواقف قلبية مُوجِهة لعمل المؤمن كالحياء . قال الإمام: "من أعمال شعب الإيمان ما يلزم المؤمن مرة في العمر كالحج، ومنها ما يلزم مرة في السنة كصوم رمضان، ومنها ما هو موقوت مضبوط كالصلاة والزكاة، ومنها ما يسنح في أوانه وبمناسبته كعيادة المريض وتشييع الجنازة، ومنها ما هو فرصة دائمة كإماطة الأذى عن الطريق، ومنها ما هو صفة نفسيه مصاحبة كالحياء، ومنها ما ينبغي أن يصبح عادة راسخة كقول لا إله إلا الله" .
وقد وضع الإمام ياسين هذا الكتاب على ترتيب جديد يختلف عن منهج الإمام الحليمي والإمام البيهقي وغيرهما ممن كتب في هذا الباب رحمهم الله، حيث رتّب مصنّفه الحديثي هذا ترتيبا عمليا في عشر خصال، ثم فرَّع تحت كل أصلٍ أعمالا وأخلاقا، وتلكم الخصال العشر، هي:
1: الصحبة والجماعة، 2: الذكر، 3: الصدق، 4: البذل، 5: العلم، 6: العمل، 7: السمت الحسن، 8: التؤدة، 9: الاقتصاد، 10: الجهاد.
وكل خَصلة من هذه الخصال تتضمن مجموعة من الشُّعب السَّبع والسبعين.
ومن القضايا الكلية التي يتناولها الكتاب:
 معرفة منهاج تجديد الإيمان في القلوب: وسائله ومصادره.
 معرفة الأعمال المنتجة للإيمان والأعمال الناتجة عنه.
 التدرج في عملية بناء شخصية المؤمن القائم لله الشاهد بالقسط، وبناء جماعة المؤمنين.
 تخصيص الاهتمام بالجانب العملي في السنة النبوية؛ لأنها مجال البناء الخلقي والعملي الإيماني لإسلام متجدد.
 الدعوة إلى التخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقراءة الحديث وحفظه، والانتفاع به في السير إلى الله تعالى وفي البناء الجماعي للأمة.
وبذلك، يعدّ كتاب "شعب الإيمان" المادة الخام لعدد من مصنفات الإمام رحمه الله وعلى رأسها "المنهاج النبوي" وكتاب "الإحسان".
وبالجملة يمكن القول إن هذا الكتاب ـ شعب الإيمان ـ يشكّل الأساس المعرفي للمنهاج النبوي لتغيير الإنسان وبناء الأمة وفق تصور شامل متكامل، وخطة عملية لبناء الفرد والأمة على امتداد الزمان.
ويجدر التنبيه إلى أن الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله جمع أحاديث الكتاب ورتبها وهو في سجنه معتمدا على ما كان بحوزته من مصنفات الحديث مما وصل إليه وهو في معتقله، وبعد خروجه من سجنه أضاف أحاديث أخرى من متون السنة إلى الشُّعب. وأشرف على إخراج الكتاب عالمان من علماء المغرب، هما:
 الأستاذ الدكتور عبد اللطيف أيت عمي الذي تولى تخريج الأحاديث بعزوها إلى مظانها، وبيان درجة صحتها،
 والمقرئ اللغوي الدكتور عبد العلي المسئول الذي قام بشرح غريب ألفاظ الأحاديث والتراكيب، بالاستناد إلى معاجم اللغة ومصنفات غريب الحديث، وشروح متون السنة النبوية.
 وفي خاتمة الكتاب دعاء خاشع للإمام رحمه الله، ولائحة للمصادر والمراجع مرتبة ترتيبا ألفبائيا، وفهرس للموضوعات في نهاية كل جزء من الكتاب. ومن دعائه في الخاتمة:
"اللهم هذه نعمتك علي أن جمعت من أحاديث رسولك وحبيبك ورحمتك للعالمين، اللهم ما أصبح بي وأمسى من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر. اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. اللهم فبمحمد حبيبك اجعله علما موروثا مبثوثا جاريا. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولمن دعا لنا واسترحم، واغفر لنا، وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين".