راح يفرك قلبى برهة وجيزة شعرت فيها بمدى فداحة ما أصابنى من خسران مبهم و مخيف. سرعان ما انفكت القبضة عن قلبى، سحبها طائف من شعور كالخيال الملتهب فى برهة حالكة، و ثمة هسهسة حميمة طروبة مرحة راحت تجلجل فى صدرى، فبدت لى كالبلسم، كالترياق، كنبوءة عراف عتيق شاخص يهيب بى ألا تحزن فليس سمة من خسارة فى الأمر على اى نحو من الأنحاء. فى الحال رأيتنى فى الخلاء، من خلفى باب لابد أنه باب تلك القاعة، و امامى ميدان مرصوف واسع لامع تسفعه ريح طرية لطيفة مشبعة برائحة اليود آتية من بحر يبدو فتات زبده على مشارف البصر.
مرق من امامى رهط من رجال و نساء بملابس المصيف يحملون الشماسى و الكراسى المطوية، راحوا يلوون اعناقهم نحوى يتأملوننى فى بشاشة و غبطة و أتأملهم فى استلطاف و ابتهاج.. ما إن ابتعدوا فى اتجاه البحر حتى تذكرت وجوههم و تأكد لى انهم لفيف من زملائى القدامى فى المدرسة الثانوية، فاندفعت أركض خلفهم محاولا اللحاق بهم، و فى ذهنى يدور شريط قديم من احداث حميمة، فيما يحاول ذهنى ربط الصور بالأسماء