لكن الظاهرة تمددت إلى الأجيال الناشئة في العالم العربي، لا سيما الجيل زي Generation Z الذي يبدأ من مواليد 1997 نزولًا إلى مواليد الألفينات، فقد نشأ هذا الجيل في بيئة لا تعرف نضالًا للقضية الفلسطينية أو الربيع العربي، ولا يوجد فيها معاني مثل المقاومة والتضحية والثورة والانتماء للمجموع، إن جيل تربى في كنف الفردانية ولم يحتك إلا نادرًا بأصحاب القضايا الأممية الكبرى، فلم يطّلع على طريقة لتنظيم حياته وترشيد سلوكياته سوى عبر الطريقة الفردانية.
كما ساعدت السوشيال ميديا هذا الجيل في الاقتراب من ذاته والابعتعاد عن أي انتماء جماعي آخر، فالشاب أو الفتاة يدخلون عالم الإنترنت لا ليبحثوا عن مجتمعات أكبر يغيرون فيها قناعاتهم ويندمجون فيها، بل يقتحمون الإنترنت بهدف تعزيز قناعاتهم الشخصية وإضفاء مزيد من الاهتمام والتركيز على ذاتهم وأفكارهم وقيمهم الخاصة.
في هذا الكتاب سنتجول بين جيل التسعينات والثمانينات الذي عاصر أحداثًا جسامًا ثم تقوقع وانشغل بتكوين أسرته وتأمين حياته الشخصية بعدما أمضى سنوات غالية من ريعان شبابه في نضال جماعي، وبين جيل الألفينات الذي لم يرَ من الثورات سوى إخفاقاتها ومخلفاتها وتوابعها، فلم تتسن له الفرصة للحوق أو الاحتكاك الطويل برموز أو كيانات تعزز عنده قيمة الجماعة، فكانت النتيجة أن كلا الجيلين اتجها إلى سلوك نفس الطريق الفردي للوصول إلى نفس النهاية الفردانية.
