كتاب على باب سجن أبي العلاء بقلم معروف الرصافي ....يغلب على رسالة معروف الرصافي ( على باب سجن أبي العلاء ) ، مخالفته لعموم استنتاجات الدكتور طه حسين وتخريجاته واستنباطاته من تعليمات فيلسوف المعرَّة التي توصَّل إليها وشامها للسلوك ومعاملة الناس بادِّراع الحذر والاحتراس من كيدهم ومكرهم ، فأوقعه ذلك في التشاؤم وورَّطه
في اعتزال مجالسهم ، مضيفا ً إلى سجنه بفقد ناظره وكونه أعمى البصر ــ ممَّا لا دخل له فيه أو هو خارجٌ عن إرادته ــ سجنا ً ثانيا ً بلزوم بيته وتواريه عن الخلائق ، وكذلك نقض ما سطـَّره من آراء وانطباعات بصدد ( اللزوميَّات ) وأسلوب نسجها ، وما تجشَّمه من نصَبٍ وإرهاق ٍ وحمل ٍ على نفسه في اختيار رويِّها الموافق لغرضها والوقوف عند قافيتها الملائمة التي قد تخادع القارئ وتوهمه بكونها غير متكلـَّفة وجاءَتْ لتحلَّ محلها المناسب لا بحسب اعتمال الشاعر لها أو افتعالها أو اقحامها ، وبالجملة إنـَّه يدحض جميع ما ورد في الكتاب ذاك وشُحِنَ به من أفكار ومُدَّعيات ، غـير عازفٍ مطلقا ً عن الثناء وامتداح مساعي طه حسين ودالاته الكثيرة على ازدهار الحياة العلمية والأدبية ، ويعرب عن احترامه وانتفاعه بعلمه وإعجابه بأدبه ، ويبلغ درجة من التصاغر بعد أنْ سحره طه حسين وخلبه بتدقيقه ومحاكمته النصوص ونظره فيها بإمعان ٍ ، فيقرُّ بتطفله على موائده لا غير ، لكن دون أنْ يقلع عن محاججته الذكية له مرتكنا ً إلى أسانيده ودلائله ، ومستندا ً إلى براهينه وحججه الدامغة ، ومتوسِّلا ً لذلك بأسلوبه البارع وبيانه الرصين ولغته الموشَّحة بالرشاقة والطلاوة إلى حدٍ يغري بسلكها في عداد النتاجات الأدبية المزدهرة المعهودة في العقود الأوائل من القرن العشرين ، حين نشط نبغاء الكـُتـَّاب المصريين في ملءِ أنهار الصحف بموضوعات أدبهم وخطرات وجدانهم ومحصِّلات تفكيرهم ، وتأمُّلهم في أوضاع الحياة وطبيعة الاجتماع ، أمثال : عباس محمود العقاد ، ومصطفى صادق الرافعي ، وإبراهيم عبد القادر المازني ، ومحمد حسين هيكل ، وإسماعيل مظهر ، وزكي مبارك ، ومصطفى عبد الرازق ، وعبد الواحد خلاف ، وغيرهم .