الحديث عن الحياة الثقافية لشعب من الشعوب، هو كالحديث عن قارة فسيحة الأرجاء. تنوعت فيها المشاهد وتباينت الأجواء، فهنا منطقة توعرت فيها الجبال، وهناك سهول انبسطت أرضها في استواء وهذه منطقة كثر ماؤها واخضر زرعها. وتلك صحراء يباب لا ماء فيها ولا زرع...فماذا عسى أن يكتب الرحالة عن تلك القارة إذا أراد ان ينقل عنها صورة أمينة، لاسيما إذا استهدف من تصويره ذاك، ان يهئ عقول اهلها ليغيروا منها ما ينبغي أن يتغير، لكي يصبح التقدم الحضاري ممكنا؟ إنه مضطر إلى تنويع الوقفات والزوايا.
وهذا هو ما لجأ إليه مؤلف هذا الكتاب: فموضوع حديثه هو "الثقافة العربية" في حاضرها. وأين فيها ما لا بد له أن يتغير إذا أرادت المة العربية أن يكون لها نصيبها العادل في مشاركة هذا العصر فيما ينجزه وفيما يعانية؟