إلى المتطلّعين وتخفي رؤوسَها المدببةَ في ثنيات ثيابهم. وهناك تطمرُ بيوضها وتستسلمُ للنيران.أمواجٌ تُغرق مسامّ تطلعنا القلبي برائحةِ الاسطورة أمواجٌ تداعبُ الوسائدَ ساعاتِ الليل.ومراياها تتناوبُ والشمسَ، على اختراق أجسادناأمواجٌ تنبشُ رائحةَ الروثِ، الطلعِ، الطينِ، الغَرَبِ،الصْفصاف، وجاغِ التنّور،نداء غراب البين وراء السور،القصبِ، الغرْين، رائحةِ شموع الخضْر.دماءُ النذر تخضّب نفقَ صبايَ إلى الأسطورةِ.عند زقاقٍ ـ كان الغمْرُ يشي بالفجرِ ـتراءى لي گلگامشيقطفُ من دفلى الدارِوردتَها ثم يبيعُ شذاها للعطّارِ.………………………………في ذاك اليوم ولدتُ. أبي يحتاط من الفيضان وأمي في الغيبوبةِ. والحربُ الكبرى توشك أن تتوقفَ فوق المفترَق الواسعِ للزمنِ المتردي.نحن الحمقى كنا نكبرُدونَ محاذرةٍ، ونلوّحُ للدفلىفي حوش الدارِ بحمي الفردِ.فنحن كأفرادٍ كنا مختلفين يفرقنا وجهُالأبّ، ووجه الأم يوحدنا مثل الطرفاء.أخي معذورٌ حين يلاحقُ ولعي بالأشياِء فيغضبُ،أمي حين تلاحقُ وجعي من وهمٍ لا يتحققُ.معذورونَ:فتاةُ الجار، وفتيان الحلم المنهارِبفعلِ الثورةمعذورونَسخامُ الوجه نذيرٌ لا ينفكّ يشي بالليلِ الأليلِ.بالأيامِ لها شكل الأسلاكِ الشائكة.أبي مات وأمي ماتت. واحترقت في الدارِ الدّفلى.معذورون: الجاني والمجني عليه، السارقُ والمسروقُ،الزاني والزانيةُ وراجمُ بيتهما.معذورٌ قرصُ الشمسِ إذا داهمني معذور.تتواثبُ قططٌ خلفَ حجابِ القَدرِ الأسود، قططٌ سودُ.تتواثبُ خلفَ الجلدةِ حمّي ذاتُ صرير،خلفَ قناعِ الوجه وجوه سود تتواثبُ قططٌ، بالأظفارِ تخرمشُ وجهي.تنبشُ عن طبقاتٍ لا تُسمعُ للصوتِ المبحوحْ.تتواثبُ قططُ الروحْخرساءَ، كأنّ البيتَ تلاشى وتلاشت مدنٌ وبلاد.وأحاطَ بها أفقٌ مسدودُ.
كتاب قارات الأوبئة تأليف فوزي كريم
كتاب قارات الأوبئة بقلم فوزي كريم ....قنواتٌ تحفرها الأمطار…منعطفاتُ بيوت متراصةٍ كأقراص الخبز.شبابيكٌ مهترئةٌ كالمناخل.أبوابٌ تكتم أنفاسَها أمام طارق الليل.أسلاكُ كهرباء تئزّ بفعل القوى المكبوحةِ للرغبات الطرية.أزقّةٌ معقودةٌ كضفيرة المحارب.دجلة يلامسُ البشَرَةَ بالملاحم،وبعصا الساحر يكشفُ عن المعدنِ الزائف للأيام المتلاحقة!أسماكٌ تقفز