أودع الشيخ الأكبر "محي الدين ابن عربي" في كتابه هذا الذي سماه "محاضرة الأبرار ومسامرة الأخبار" ضروباً من الآداب وفنوناً من المواعظ والأمثال والحكايات النادرة والأخبار السائرة، وسير الأولين من الأنبياء، وأخبار ملوك العرب والعجم، ومكارم الأخلاق، وعجائب الاتفاق،
كما وسرد فيه نبذاً من الإنسان وفنوناً من مكارم ذوي الأحساب وحكايات مضحكة مسلية تستريح النفوس إليها عند قراءتها. ونزه كتابه هذا عن كل هجاء ومثلبة، وضمنه كل ثناء ومنقبة، وإذا كانت الحكاية المضحكة في رجل معتبر مشهور من أهل الدين أو العلم لهفوة صدرت منه ضحك لها الحاضرون، أو فعلة بدت منهم من غير قصد منه إليها فيذكرها لما فيها من الراحة للنفس، ولا يسمى الشخص الذي ظهر عليه ذلك حتى تتوفر حرمته. وكذلك سكت في كتابه هذا عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، لما يتطرق للنفوس من الترجيح والتجريح، وغاية ما ذكر لضرورة ثناء ومنقبة ومحمدة ومثلبة، يتخللها شيء من ذكر مثالب أقوال فيها. ولأهمية هذا الكتاب وأهمية موضوعه عكف "محمد عبد الكريم النمري" إلى إعادة جمعه من هذه النسخة المحققة بقلمه، ضابطاً نصه، ومصححاً إياه، ومدوناً فيه ترجمة لمصنفه الصوفي الكبير "ابن عربي".