كتاب محمد الفاتح بقلم ساهر رافع..إن أغلب المؤرخين قد اتفقوا على اعتبار سقوط "القسطنطينية" في يوم 29/ 5/ 1453 بداية للتاريخ الحديث، ويرجع السبب في قولهم هذا إلى سقوط "القسطنطينية" أدى إلى هجرة الكثير من علماء بيزنطة "الروم" إلى الغرب الصليبي، وخاصة إيطاليا، وقد استتعبت تلك الهجرة منه أن يقوموا بنشر الكثير من العلوم اليونانية القديمة لأهل أوروبا الكاثوليك. وقد عبر محمد الفاتح عن ذلك فور دخوله إلى "القسطنطينية" عندما قال: "إن سقوط "القسطنطينية" إن هو إلا تعبير عن زوال الدنيا القديمة ومجئ العالم الحديث"،
وللدلالة على مدى أهمية سقوط "القسطنطينية" في أيدي العثمانيين المسلمين أن الغبر الصليبي وقع عليه هذا الخبر فصعقه وشله عن التفكير، أما الآخرون ممن كانوا يدينون بالمذهب الأرثوذوكسي وتتاخم حدودهم حدود الدولة العثمانية فإنهم آثروا البقاء على حالة السلام بينهم وبين الدولة العثمانية.
أما في العالم الإسلامي فقد شعر الناس بأن الحلم الذي بدأ مع مطلع الإسلام قد تحقق، وأصبحوا في مأمن من مخاطر الغزوات الصليبية، وعلى ذلك فإن صعود محمد الفاتح إلى هذه المكانة إنما يوضح كيفية استغلال الفرص والمحافظة في نفس الوقت على قدرات البلاد، ومن ثم فإن أسلوبه في معالجة الأزمات منذ تولي الحكم بقدر ما توضح نهج تفكيره على المستوى الشخصي فإنها توضح أيضاً كيف تنشأ الدولة القوية.