كتاب مسارات الحداثة : قراءة في تجارب الشعراء المؤسسين بقلم شوقي بزيع ....إنّ اختيار الشعراء المتناولين بالقراءة في هذا الكتاب، لم يكن وليد الصدفة أو الاستنساب المزاجي، بل بسبب الدور الطليعيّ والمؤثّر الذي لعبوه، ولو بتفارتٍ ملحوظ، في نقل الشعريّة العربيّة من طورٍ إلى طور، وفي دفع الذائقة الجمعيّة للانقلاب على معاييرها السابقة.ولأنّ للحداثة
مساراتٍ عدّة، فقد حرصت على تناول النماذج المتنوعة المتنوعة التي يشغل كلّ منها جزءاً متفاوت المساحة والأهمية من جغرافيا الشعر العربيّ الحديث.إنّ الحداثة في عمقها عمليةٌ متواصلة من التحوّل والنقض وإعادة التأسيس. وهي بالتالي ليست أرضاً مقدّسة أو وثناً للعبادة، بل مغامرة دائمة وفضاء مفتوح وأساليب متجاورة لا يجبّ بعضها بعضاً، ولذلك فإن ما نحن إزاءه ليس حداثة واحدة بل حداثات مختلفة، وليس لغة واحدة بل لغات.إنّ كل كتابة إذن هي مراكمة وإضافة إلى ما سبق، وليست بدءاً من الصفر.ولعلّ مقولة سان جون بيرس الشّهيرة: (( لكلّ منّا بحره الخاص))، تعني في ما تعنيه أنّ لكلّ شاعر إيقاعه وحساسيّته وطريقته في استخدام اللغة ومقاربة الأشياء.