كتاب معالم مدينة الكويت القديمة: نواة مدينة الكويت بقلم مجموعة مؤلفين..إن المحافظة على المدن القديمة بكل معالمها، من أحياء وبيوت وشوارع وأزقة وأسواق وأسوار وآبار وغيرها، هي أفضل سبل حماية الهوية الوطنية وإثبات وجودها التاريخي والحضري. وللأسف الشديد، فإن معالم مدينة الكويت القديمة، التي تقع داخل سور الكويت الثالث الذي تم إنشاؤه سنة 1920م، ومعالم القرى الكويتية، قد أزيلت ضمن سلسلة من عمليات الهدم وإعادة البناء من أجل "تطوير" المدينة وتحديثها.
وقد بدأت عملية الهدم وإعادة البناء منذ تصدير النفط وبداية التثمين في أواخر الأربعينيات. وأخذت البيوت الطينية وأقدم المساجد والشوارع والسكك والمراسي (النقع) وسور الكويت بالاختفاء تدريجيا إلى أن ضاعت ولم يعد باقيا من المباني الطينية إلا النز اليسير مما يمكن أن يكون شاهدا على حقبة قديمة عاش الكويتيون في ظلها مكافحين ظروف الحياة القاسية.
ورغم ذلك، فإن الأجيال الحالية والقادمة ممن لم يرَ مدينة الكويت القديمة وقراها، من حقها أن تتعرف على المكان الذي عاش فيه الآباء والأجداد، وتفهم طرق معيشتهم، وما تكبدوه من ضنك العيش والسعي في طلب الرزق، خاصة في مدينة مثل الكويت التي لها جذور تاريخية تمتد لأكثر من ثلاثة قرون، وكانت تتميز بموقعها الجغرافي المطل على الخليج العربي، والذي جعلها ممرا تجاريا هاما بين الشرق والغرب. فمدينة الكويت القديمة راحت ضحية للافتنان بالحداثة والإثراء بعد ظهور النفط. ولسوء تقدير إداري لمصير المدينة، وللأهمية التاريخية والاستراتيجية لها؛ فقد كان من الممكن أن تشكل لدولة الكويت إرثا حضاريا خالدا ومعلما سياحيا مهما يشهد على عراقتها وأصالتها، ويحميها من موجات العولمة وحملات تغيير الهوية التي بدأت تطل برأسها في الوقت الحاضر.
وحرصا من مركز البحوث والدراسات الكويتية على تعويض جزء من تلك الخسارة الفادحة، فقد رأى تشكيل فريق من الباحثين الخبراء في معالم المدينة والقرى القديمة، ليقوموا بمشروع علمي منهجي لاستظهار مدينة الكويت القديمة وقراها وأبرز معالمها من خلال الوثائق الشرعية والسجلات الحكومية القديمة والصور الفوتوغرافية.