كتاب معجم الألفاظ العامية للمؤلف أنيس فريحة قد يخيل إلى بعض الناس أن نشر (معجم الألفاظ العامية)، في فترة تبذل فيها الجهود الجبارة في المدرسة والصحافة لرفع مستوى اللغة العربية وللقضاء على اللهجات، دعوة إلى الاعتراف بالعامية أو إلى إحلالها محلاً مرموقاً ولكننا لسنا من دعاة العامية، بل نجن من الذين يحاربون الركاكة والرطانة.
على أننا في الوقت عينه من دعاة التيسير، من الذين يؤمنون أن اللغة جسم حي ينمو ويكبر، ومن الذين يؤمنون أن اللغة العربية نمت وكبرت ووضعت الكثير من كلام العرب وغير العرب. ألف هذا المعجم عرضاً في أثناء دراستنا "أثر الآرامية في اللهجات العربية" التي لما تنشر. وكنا عند جمع مواده للدراسة نتلقط أحاديث الناس خفية كي لا يشعروا بنا خوفاً من تغيير لفظها أو تراكيبهم إذ أردناها مواد تعكس لنا لغة القوم لا تعمد فيها ولا تكلف. وقد أضفنا إلى ما تلقطناه من أفواه الناس ما تيسر لنا من جمع كراريس ومنشورات باللغة المحكية من قصص وشعر زجلي وصحافة محلية تظهر باللغة العامية. وقد عجبنا في أثناء دراستنا من كثرة المفردات العامية. وكنا نشعر أن في هذه المفردات العامية عدداً من الألفاظ الجميلة التي يمكن أن ترد إلى اصل عربي صرف فهي حرية بالدرس والاعتناء. وبما أننا من الذين يشاطرون القدماء رأيهم القائل إنه لا المعاجم ولا كتب الأدب ولا دواوين الشعراء حفظت كل ما نطقت به العرب، رأينا أن في نشرها على حدة بعض النفع. وإننا نأمل أن يحذو حذونا أدباء في مختلف الأقطار العربية فيضعوا معاجم شاملة للعامية في أقطارهم حتى تتكون لدينا مجموعة نضعها أمامنا عندما نشرع يوماً بوضع (قاموس العربية العتيد)، لأن ما حافظت عليه الحياة وما صقلته الأيام جدير بأن يبقى.