كتاب مفاتيح العلوم تأليف محمد بن موسى الخوارزمي .. قول الخوارزمي في مقدمة هذا "مفاتيح العلوم" إنه أراد لهذا الكتاب أن "يكون جامعاً لمفاتيح العلوم وأوائل الصناعات، متضمناً ما بين كل طبقة من العلماء من المواضعات والاصطلاحات التي خلت منها أو من جلها الكتب الحاصرة لعلم اللغة".
ولأن الخوارزمي أراد لكتابه أن يكون شاملاً للمصطلحات في جميع العلوم التي كانت متداولة في عصره، فإنه عمد إلى جعل تلك العلوم قسمين: علوم العرب، وعلوم العجم. وهو يقول عن الكتاب في نهاية مقدمته القصيرة: "جعلته مقالتين: إحداهما لعلوم الشريعة وما يقترن بها من العلوم العربية، والثانية لعلوم العجم من اليونانيين وغيرهم من الأمم". وفي هذا الكلام إشارتان جديرتان بالتوقف عندهما: الإشارة الأولى: إلى أن علوم العرب متفرعة من علوم الشريعة أو مقترنة بها. وتلك حقيقة علمية وتاريخية، إذ إن العلوم العربية راحت تتبلور في أوائل العصور العباسية في حومة المجادلات الكلامية، والمناقشات حول إعجاز القرآن وتفسيره، فقامت تلك العلوم على أساس من النشاط الفقهي الذي اقترن بنشاط لغوي-بلاغي، والظاهرة القرآنية كانت دائماً محور هذين النشاطين، في ما تمثله من قيمة تعبيرية -تشريعية لا تداني.
الإشارة الثانية: إلى أن علوم اليونانيين تقع على رأس علوم العجم، وهي كذلك حقاً من حيث الأثر البعيد الذي خلفته لدى العرب، وفي طليعة تلك العلوم اليونانية الفلسفية والمنطق اللذان راحا يشكلان عنصراً مهماً من عناصر التكون الثقافي العربي، في أجواء من الانفتاح وازدهار الترجمة والنقل.
إن استعراض الأبواب التي تتشكل منها المقالتان يظهر صحة ما ذهبت إليه الإشارتان اللتان توقفنا عندهما. في المقالة الأولى ستة أبواب تتناول ستة علوم عربية هي: الفقه، الكلام، النحو، الكتابة، الشعر والعروض، الأخبار. في المقالة الثانية تسعة أبواب تتناول تسعة علوم أعجمية هي: الفلسفة، المنطق، الطب، علم العدد، الهندسة، علم النجوم، الموسيقى، الحيل، الكيميا.
والأبواب تتألف بدورها من فصول فيها تناول لأصول كل علم ولمتفرعاته. ومجموع الكتاب ثلاثة وتسعون فصلاً تشكل الأبواب الخمسة عشر التي تتألف منها المقالتان.