كتاب نحو فكر جديد للمؤلف ياسر حارب لقد حققت تجربة "بنك القرية" في بنغلاديش نجاحاً منقطع النظير، فلقد عمّ الخير وانتشر أثر هذه القروض على أكثر من خمسين مليون شخص، فتحسنت أوضاعهم المعيشية لدرجة حصولهم على ثلاث وجبات يومياً، واستطاعت الأسر أن ترسل أبناءها وبناتها
إلى المدارس – الأمر الذي كان مقصوراً على الأغنياء فقط – واستطاعت هذه التجربة من أن تنتشل أكثر من أربعين مليون شخص من براثن المجاعات والأوبئة واستمرت في دعمهم إلى أن تجاوزوا خط الفقر، واستطاع القائمون على هذه التجربة أن يغيروا فكر الفقراء المشبع بثقافة العبودية والعمل المضني إلى ثقافة الاستثمار التجاري وتنمية المهارات الفردية والجماعية لتحقيق الكسب الشريف... إن الهم الأول لدول الشمال هو تعليم وتطوير الأجيال القادمة للتأكد من أنها ستكون أكثر كفاءة من التي سبقتها حتى ينمو المجتمع ويزدهر اقتصاد الدولة على حد سواء. يلخص رئيس وزراء النرويج هذه الرؤية بقوله: "نحن دولة في أقصى شمال الكرة الأرضية لا يعرف عنا أحد، وسكاننا عددهم قليل جداً أما اقتصادنا فهو قوي جداً، وإذا لم نهتم نحن بشعبنا فلا أحد غيرنا سيفعل ذلك"... في أمريكا تضع الأمهات لأطفالهن ألعاباً بلاستيكية في حمام السباحة على شكل كتاب أو كراسة مدرسية، وفي النرويج يملك الطالب أكثر من 450 كتابا في بيته من غير الكتب الدراسية، وفي أستراليا تحجم البلاد عن التصويت يوم الانتخابات لوفاة "ستيف أوروين" المشهور بصائد التماسيح، لا لحبهم له فقط ولكن لوفائهم لفكره الذي جعل البشرية أكثر نشاطاً وعطاء في مجال الحفاظ على البيئة والكائنات الحية... وفي فرنسا عندما تسلم فولتير المجلد الأول لموسوعة دائرة المعارف الكبرى أرسل إلى مؤلفيها برسالة شكر وتقدير قال فيها: "إن الجيل القادم سيكون مدينا لكم بالعقل والحرية"... ونحن إن لم نستطع أن نترك للأجيال القادمة حضارة أو تاريخاً مشرقاً، فلا أقل من أن نترك لهم فكراً جديداً ينطلقون منه لصناعة نهضتهم... في هذا الكتاب استعراض لتجارب تنموية ناجحة قامت بها بعض دول العالم، وفيه محاولة لإسقاط هذه التجارب على العالم العربي... وهو أيضاً سعي لمحاورة الفكر العربي وجعله ينظر إلى العالم من زوايا جديدة دون نواح أو مظاهرات... فلقد آن الأوان لكي نعطي عواطفنا إجازة بدون راتب وننصت لصوت العقل الذي وصل صداه إلى جميع أركان الكرة الأرضية، وآن الأوان أن نرى جيداً حتى لا نقع في مشكلة الدكتور واطسون الذي قال له زميله المحقق شارلوك هولمز: "مشكلتك يا واطسون أنك تنظر ولكنك لا ترى".
