كتاب نسيم الحجاز من مسجد الشيخ ابن باز بقلم ناصر بن مسفر الزهراني..بينَ يدَىْ هذا الكتاب يتحدَّث المُؤلِّف عن الخطابة من حيث أهميتها ورِفعةِ مكانها، وعظيم سُلطانها وقوة سلطانها، كذلك فإنه يُبيِّن فيها بعض القواعد المهمة والقوانين المُلِحَّة ، والضوابط المفيدة، وأسردُ شيئًا من عوامل النجاح ، وطرُقُ التَّفوق وأساليب التأثير ،وعلى الخطيب أن يسعى إلى التجديد والتنويع والتَّلوين والتحسين، وأن تسرى هذه الرُّوح فى خطابته، وأن يبتعد عن الرَّتابة قدر الإمكان بِدءًا باختيار الموضوع، ثم تحديد العنوان، ثم الأسلوب ثم الأداء، كما أن الخطيب سيجد فى هذا الكتاب بُغْيَتَهُ من موضوعات قد لا يخًطُرُ على البال أنها تكون مادة لخطبة الجمعة،
ولكنها وجدت قبولا حسنا، وأثْمرت توجيها مُباركا وها هى بعض الأمثلة لعناوين الخُطَبْ التى قد لا تَرِد على ذِهن الخطيب، فمنها ( التجديد، البحر، الغيث، الليل، الدين، طريقك للنجاح، العقل والقلب، أنت غنىُّ ولست فقيرَا ).
وهذا الكتاب ليس خُطبًا للجمعة فحَسْب، فكثير من موضوعات هذا الكتاب تُعتَبَرُ بحثًا مُتقصِّيًا، ومادة مُستوفَاه يُفيد منها من كان لديه خطبة أو محاضرة أو بحث علمى أو مقالة أدبية، ولذلك فإن كثيرًا من موضوعاته أطول من زمن الخطبة، ويجب إختصارها لمن أراد أن يُفيد منها فى خطبة الجمعة، كما أن المُؤَلِّف لا يدَّعِى أنَّ خُطَبَهُ مَحْضَ ابتكارٍ أو أنَّه أتى بما لم تسْتطِعْهُ الأوائل، ولكن يكفيه أنَّه بذَلَ وتَعِبَ وحَضَّرَ واجتهد وقارن واختار وحذَفْ، وخيرُ شاهد على هذا الكلام ما سيجده القارئ لهذه الخُطب من تميُّزٍ واضح، وجُهدٍ بيِّن، وطرْحٍ فريد .
إن الخطابة بجُهدِ الغير فيها مُخادعة لمشاعر الخطيب أوَّلًا ، ومُخادعةٌ للناس ثانيا ، لأنه يتغنَّى بغير عواطفه ويصدح بما لم تنفعل به نفسه ، وإن أداءه لها مُجرَّد تمثيل ، وليست النَّائحة كالثَّكلى . إن ما كان من القلب يصل إلى القلب وما كان من اللسان فلنْ يُجاوزَ الآذان .