ولد محب الدين الخطيب بدمشق عام 1886م، وكان والده عالماً دينياً ويدرس في أحد المساجد، كما كان يعمل أميناً لدار الكتب الظاهرية فنشأ في بيئة محافظة، وتعلم القراءة والكتابة وحفظ كتاب الله ثم التحق بمدرسة ابتدائية، ثم بعدها بمدرسة ثانوية تدرس العلوم باللغة التركية، ثم التحق بكلية الحقوق والآداب معاً وقد مد له يد العون في تحصيله العلمي.
سافر بعد ذلك إلى اليمن للعمل كمترجم في القنصلية التركية بمدينة (الحديدة )، وقد سعى فترة بقائه هناك إلى إنشاء مدرسة كانت هي المدرسة الوحيدة وكان يتولى تدريس معظم العلوم فيها بالإضافة لعمله كمترجم، ولكن المقام لم يطل به كثيراً في اليمن فعاد إلى دمشق ثم سافر إلى مصر، حيث عمل في جريدةالمؤيد فذاع صيته وانتشرت مقالاته وترجماته، وبخاصة ما يتعلق بالمبشرين البروتستانت وخططهم الخبيثة لتنصير المسلمين والتي كان ينشرها الكاتب الفرنسي المبشر مسيو لوشاتليه في الدوائر الكنسية، فكشفها محب الدين الخطيب وهتك أستارها، ونبه المسلمين إلى خطورتها ثم جمعه في كتاب وأصدره بعنوان((الغارة على العالم الإسلامي)) .
عمل أيضًا مترجماً ومحرراً بجريدةالأهرام المصرية فترة قصيرة لأنه لم يرتح لسياسة القائمين عليها الذين يداهنون الاستعمار وأعوانه ولا يهتمون بقضايا المسلمين وما يحيط بهم من مؤامرات ومكائد، وحين أصدر مجلة الفتح جعلها منبراً للدفاع عن الإسلام والمسلمين، ومعالجة قضايا العروبة والإسلام، والحفاظ على الدين واللغة العربية ونشر الثقافة الإسلامية، واستقطب لها الكثير من الكتاب المسلمين من جميع أنحاء العالم الإسلامي، ولم يكتف بذلك بل سعى مع ثلة من المفكرين و الدعاة والصالحين والغيورين على الدين لإنشاء((جمعية الشبان المسلمين)) بالقاهرة التي شارك في تأسيسها محمد الخضر حسين وأحمد تيمور، وعبد العزيز جاويش وحسن البنا و.. وغيرهم، وقد أسندت رئاستها للدكتور عبد الحميد سعيد، فكانت هذه الجمعية في أول تأسيسها منارة إصلاح ورسالة توجيه وإرشاد .
وقد قامت مجلةالفتح بنشر أكثر ما يقال في منتديات جمعية الشبان المسلمين من محاضرات ودروس وندوات واحتفالات، وامتدت المجلة بموضوعاتها إلى تحليل معضلات العالم الإسلامي الرازح تحت وطأة الاستعمار، كما أصدر محب الدين الخطيب مجلة ((الزهراء)) التي تعنى بالبحث العلمي والنقد الموضوعي للأفكار الوافدة والمقولات الباطلة التي يرددها الببغاوات من تلامذة الغرب و فروخ الاستعمار وأدعياء الثقافة والأدب ورموز التغريب السائرين في ركاب المستشرقين والمستعمرين الصليبيين، وقد أصدر بالتعاون مع حسن البنا وطنطاوي جوهري مجلةالإخوان المسلمون الأسبوعية سنة 1933م.
ولم يتوقف الأستاذ محب الدين الخطيب عن الكتابة والنشر بعد بل استمر من خلال المكتبة السلفية، والمطبعة السلفية يُصدر
الكتب والنشرات، ويحقق كتب التراث الإسلامي ، ثم عمل رئيساً لتحرير مجلةالأزهر بناء على ترشيح شيخ الأزهر العلامة الإمام محمد الخضر حسين.
أسهم الأستاذ محب الدين الخطيب وأثرى المكتبة الإسلامية بمؤلفات وتحقيقات وتعليقات قيمة؛ مثل تحقيقاته وتعليقاته على كتاب ((العواصم من القواسم)) لأبي بكر العربي، وكتاب ((مختصر التحفة الإثنى عشرية)) لولا الله الدهلوي، وكتاب ((المنتقى)) للحافظ الذهبي، وكتاب ((الخطوط العريضة))، وكتاب ((الرعيل الأول))، وكتاب ((تقويمنا الشمسي))، وكتاب ((قصر الزهراء بالأندلس))، وكتاب ((الميسر والقداح))لابن قتيبة، وكتاب (( الخراج)) لأبي يوسف، وكتاب ((تاريخ الدولة النصرية)) للسان الدين بن الخطيب، وكتاب ((ذكرى موقعة حطين))، وكتاب ((الأزهر ماضيه وحاضره والحاجة إلى إصلاحه))، وكتاب ((اتجاهات الموجات البشرية في جزيرة العرب))، فضلاً عن ترجماته لكتاب (مذكرات عليوم الثاني) وكتاب ((قميص من نار)) للكاتبة التركية خالدة أديب، وكتاب ((الدولة والجماعة)) للمفكر التركي أحمد شعيب، وكتاب [الغارة على العالم الإسلامي) للكاتب الفرنسي لوشاتليه، وغيرها من الكتب المؤلفة أو المحققة أو المترجمة.
انتقل إلي رحمة الله تعالى عام 1389هـ ، 1969م ودفن بمصررحم الله أستاذنا العلامة محب الدين الخطيب , وجزاه الله عن المسلمين والإسلام خير ما يجزي عباده الصالحين , ونفع الله بذريته قصي محب الدين الخطيب وإخوانه