كتاب الحمير بقلم توفيق الحكيم .. لا يخفى الأديب الكبير توفيق الحكيم اعجابه بالحمير وبعالم الحمير.. وهو يهرب من الرقابة الامنية بان يتحدث حديثه على فم الحمير، بل انه في هذه المسرحية يتخيل انه جالس على مكتبه مستغرق في التأمل والتفكير ويدخل عليه حمار ويقدم نفسه له بانه حمار الحكيم القديم، وقد كان الحكيم فعلاً تخلف عن الكتابة عن الحمير، وكان آخر ما كتبه رواية حمار الحكيم عام 1940م ولكن يأتي هذا بعد ربع قرن من الزمان 1975م.. ويعتب الحمار على الحكيم انه يتجاهله دائماً ويحتقره، ولكن هذا لا يمنع من كونه موجوداً يفكر.. انا افكر اذن انا موجود، ولكن الحمار يقول انا موجود اذن انا افكر.. ويستأذن الحمار في الجلوس ويقول للحكيم ساعرض عليك بعض ما اعرف عنك وعن غيرك من الحمير، ثم يستدرك الكلام غيرك من المفكرين والمؤلفين، ويناقش الحمار مع الحكيم معاني ومغازي ألف ليلة وليلة التي كتب عنها الحكيم شهرزاد، وهي مسرحية صدرت عام 1934م.. والحمار طبعاً فاهم ومتذكر رغم مضي المدة، ويناقش الحمار هنا أن نهاية كتاب الف ليلة يختلف عن نهاية كتاب الحكيم، فلقد قدم كتاب الف ليلة وليلة نهاية القصة، بان عاش شهرزاد وشهريار في ثبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات.. ولكن الحكيم يختم مسرحية شهرزاد بان شهريار يهجر زوجته ويترك قصره ويخرج هائماً على وجهه في الخلاء، ويقدم الحمار فكرة جديدة عن الخلاء ونهاية اخرى لشهريار.. ومسرحية الحمير& لتوفيق الحكيم تحتوي على اربعة مشاهد هي الحمار يفكر.. الحمار يؤلف.. سوق الحمير.. حصص الحبوب.. واذا كان الحمار يفكر فلابد أن الحمار يؤلف.. ولكن سوق الحمير جعل اثنين عاطلين يشاغل احدهما فلاح اشترى حماراً.. والعاطل الثاني يفك عقدة الحمار ويضع الحبل في رقبته.. وهو بهذا قد وجد عملاً، لان الحمار يعمل ويأكل وهو مستعد ان يعمل ويأكل ولا يجد فرصة، ولكنه اخذ فرصة الحمار وقرر ان يريح المزارع كحمار، وقال ان السبب انه حمار ان والده نعته بهذا اكثر من مرة، وان الله استجاب لدعاء الاب وصار الابن حماراً.. ولكنه على يد الفلاح الطيب الذي هو من رجال الله الصالحين عاد انساناً ثانية.. والمسرحية نقد لاوضاع اجتماعية سيئة في مصر كانت ثمرة لما سمى بالاشتراكية. ويرى توفيق الحكيم في مقدمة كتابه أنه ينبغي أن يستمر نبض الحياة في الأمة قائماً بوظيفته الحيوية، لانه لا قيمة لحياة بغير وعي وكما ان الوعي قبل ثورة يوليو جعل الأمة تفحص الديمقراطية وتتبين مواضع الزيف فيها.. وطالما نبض الحياة لم يتوقف، فالواجب ان تفحص الاشتراكية.. ومواضع الزيف فيها.. واذا كان المواطن قد قبل محاكمة الديمقراطية المنحرفة، فلماذا لا يقبل فكرة المحاكمة للاشتراكية المزيفة.. واذا كانت ثورة يوليو 1952م حاكمت الديمقراطية المنحرفة لانها ادت الى هزيمة حرب 1948م، فلماذا لا تحاكم الاشتراكية المنحرفة التي ادت الى هزيمة 1967م، وشتان بين نتائج الهزيمتين وخسائر الهزيمتين.. والحكيم مفكر حكيم، فهو لا ينتقد الديمقراطية ولا ينتقد الاشتراكية، ولكنه ينتقد سلبيات