رواية الجبيرة

تأليف : باسم زكي

النوعية : روايات

؛ إنشغلت كثيرا ً في حديث هذا الضابط ؛ هو يطلُب منا تأدية ما نعلم ويعلم جيدا ً أنه ُ غير قادرا ً بحكومته كاملة ً تنفيذه ؛ الصعيد هو مجموعة من الضروب القاتلة والمتاهات التي يفقد الغريب فيها نفسه حتى يفنى ؛ لذلك هو يطلُب منا تأدية دوره ،

  بالقطع نحن ُ لسنا ملائكة ولكننا لم نقبل يوما ً بتجارة المُخدرات ولم نسمح لأحدا ً من أبناء ((البندارية)) بالعمل فيها أو مُجاورتها لأراضينا مُطلقا ً ؛ نحن ُ نرى فيها ذهابا ً للهيبة وللعقول ، ونرى فيها حراما ً مُطلقا ً وذنبا ً لا يعلوه ذنب ؛ تجارة السلاح لدينا لم تكُن يوما ً ذنبا ً أو حراما ً ، هي تجارة مثل تجارة السيوف في عهد النبوة ، وإن إستخدمت للقتل فالذنب فيها والحرام هو للقاتل وليس للبائع ؛ هذا هو إعتقادنا ومبدأنا ؛أما عن إغماض أعيُنه عنا ، هو يعلم ونحن ُ نعلم أنه ُ يعلم أن الحكومة لا تملك القوة ولا الرغبة في أن تفتح أعيُنها علينا ؛ هم يعلمون أنهم وإن إنفتحت أعيُنهم لن ترى جنة ً ، لن تجد هُنا سوى جحيم جُهنم الذي رسخوا له حتى ننشغل عنهُم وينشغلون عنا ؛ المبدأ السائد في حيازة السلاح ، هم يعلمون أنك تملكه ولكن دون ورقة ً قانونية ؛ وعندما يُطلب منك تسليم قطعة سلاح ، تُلبي نداء تقديم فروض الطاعة والولاء ؛ وهو ما لم تكُن ((البندارية)) يوما ً تُقدمه ، لم تُقدم يوما ً قطعة سلاح ولا فردا ً منها كبشا ً للتضحية ؛ هذا هو السبب في هيبتها و في أصله نتيجة أننا لسنا بضعة مئات ولا ألاف ، نحن ُ نتعدى مئات الألاف ؛ الكثرة تغلب ُ الشجاعة هي حقيقتنا ، الحقيقة الأهم هي أن مئات الألاف منا على قلب ُ رجُلا ً واحد ، يأتمرون بأمره وهذا هو أقصى مخاوف الحكومة منا ، ولذلك دون العهد بيننا وبينهُم ومُنذُ القدم دون أوراقا ً ، لا نقترب منكُم ولا تقتربون منا ؛ إلا أننا بعد ذلك تمادينا أكثر بكثير لم نعُد كبار البندارية الذين فاقت أعدادهم مئات الألاف فقط ، إمتدت سطوتنا لقيادة عائلات أكبر وقبائل أكبر ؛ كان ذلك كُله نتيجة ً لما يحدُث هنا الآن ؛ قتل الرئيس لم يشغلنا يوما ً من يحكُم في الأعلى ، لأننا وببساطة نملك حاكمنا هُنا منا ؛ الضابط كان يرمي من حديثه أن كُل ما سوف نفعله هنا الآن ، لن يلحظهُ أحدا ً ولن ينشغل به أو يُعيره إهتماما ً ؛ هم بالأساس لم يُعيروننا إهتماما ً يوما ً ولم ينشغل بنا أحدا ً ولكنه ُ تأكيدا ً لما هو مؤكد .  

شارك الكتاب مع اصدقائك