هذا نوع من الرواية التسجيلية التاريخية الجغرافية ابتدعه الكاتب الكبير خيري شلبي، إن عبقرية المكان هي البطل الأساس في هذه الرواية، والكاتب يسميها جغراوية، بمعنى أنها تروي تاريخ أمكنة بعينها من مدينة القاهرة العتيقة، تجسد الحياة خلال حقب عديدة من التاريخ مرت على المكان الراحد. فكل شبر من أرض القاهرة تتراكم فوقه أزمنة وحقب تاريخية حافلة بكل مبهر ومثير.
وإذا كان المقريزى في خططه قد سجل تاريخ الأبنية والأماكن، المساجد والخوانق والمدارس والقلاع والأسوار، الشوارع والحارات والمتعلقات والأزقة والدروب والأسواق والساحات، فإن هذه الرواية قد بعثت الحياة في الجغرافيا والتاريخ معاً، فنحن أمام ثلاثة أحياء من أهم أحياء القاهرة وأقدمها وأعرقها، تصحو فيها الأزمنة والأحداث والبشر، وتتصل الحياة قديمها بحدثيها في تيار متدفق يشهد بأصالة هذا الكتاب وعمق حبه للناس وللحياة وللمكان. إنها رحلة طويلة بديعة ممتعة في عالم أغرب من الخيال، عالم القاهرة الفاطمية الأيوبية المملوكية العثمانية الملكية الجمهورية.