رواية بير سكران بقلم احمد عبد العزيز صالح .. يعود بنا المؤلف إلى ١٩١٩ وقت حراك الشارع المصرى وقيام ثورة ١٩ المجيدة، بطل الرواية «ناجى»، ذلك الشخص العابث المنطوى الذى يحيا حياة منغلقة على ذاته بسلبية مطلقة ولا يعبأ بأى شأن خارج إطار عالمه الضيق الصغير، مع بطل الرواية نرى ذلك العالم المثير حينها، عالم العاهرات وبيوت الدعارة، وصف دقيق لأسرار ذلك العالم وكيف كانت تجرى فيه الأمور بشكل قد يصدم الكثير من القراء الذين كانوا يظنون أنه عالم مبهج تتعدد فيه ألوان البهجة والمتعة، جاء وصفه وسرده راقياً مهندماً يخلو مما يخدش الحياء ويثير الغرائز، تتفاقم أزمة البطل بموت «نعيمة»، إحدى غانيات وضحايا تلك البيوت، ووقوعه فى مصيدة جريمة قتل لم يرتكبها ويلتقى برفيقه «سعيد» الشاب الساذج البدين ضحية ظلم المحتل البريطانى، يجتمعان سوياً فى رحلة هروب حتى يصلا إلى «بير سكران»، إحدى مناطق مرسى مطروح، وهناك يلتقون بأبطال المقاومة من أبناء مطروح وأبناء الشعب الليبى ضد المحتل الإنجليزى، الأحداث كثيفة جداً متلاحقة ومتسارعة بإيقاع مشدود ومحكم ونحن نرى «ناجى» يتحول خطوة بعد خطوة من ذلك الشخص المستهتر السلبى، إلى آخر متفاعل ومضحٍ، ويتحرك من أجل حماية غيره، الرواية تزدحم بالشخصيات المختلفة المتابينة، ولعل أكثر ما لفت نظرى قدرة الكاتب على طرح أكثر من شخصية نسائية وتقديم كلٌ منهن على حدة، متفردة مُمَيزة تشعر بأنها من لحم ودم أمام عينيك، (نعيمة- أم هدى- علية- إيما- هند- وداد) كما تقرأ عملاً تدور أحداثه فى زمن بعيد، مر وولى، ومع ذلك تشعر بأنك تراه وأنك أحد أفراد ذلك الوقت