رواية جامعة المشير/مائة عام من الفوضى بقلم انتصار عبد المنعم .....عن رواية انتصار عبد المنعم «جامعة المشير مائة عام من الفوضى»د.ممدوح فرَّاج النَّابي تستبصرُ انتصار عبد المنعم بجرأة وعين «زرقاء اليمامة» في روايتها الصَّادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب «جامعة المشير مائة عام من الفوضى» مآل الثوّرة المنحرف الذي ضاع عندما
ورثها الأوغاد وفق مقولة «جيفارا» التي تستدعيها، فتقدِّم رؤية كابوسية ليس للحاضر الذي لم يكن يعنيها على الإطلاق وهي تسرد حكاية الثورة وإنما للمستقبل المظلم والكابوسي وفق أحداث الرواية، في نوع من المصادرة التي تشي بنوعٍ من القلق والخوف على مآلنا الذي لم تشرقْ شمسه بعد. فتستبصر بعيون زرقاء التحذيرية انحرافات الثوّرة بعدما تبدّل عليها تلك الطواغيت الذين تربوا في عهد الطاغوت الأكبر، ولم يختلفوا عنه في شيء، وفي إشارة دالة تطلق عليهم لقب المشير مع اختلاف الترتيب، وصولاً إلى المشير الخامس. تمزج السَّاردة في الرِّواية بين الواقعي والفنتازي تارةً والواقعي والأسطوري تارةً أخرى، عبر صياغة لُغوية أشبه ببكائية أو مرثية شجيّة، تتراسل فيها مع نصوص شعرية ومقتطفات خالدة كمقولات تشي جيفارا، ترثينا بها وترثي هؤلاء الذين ظلت أرواحهم مُعَلَّقة بين السَّماء والأرض منتظرة عدالة السَّماء التي لم تتحقَّق على أرض الله التي ورثها الطواغيت. ومع الفنتازيا التي تغلب على السَّرد إلا أنها تجعل من الواقع بقساواته وغرائبية أحداثه أكثر غرائبية ودهشة، وتحليقًا في الخيال، من الخيال ذاته. وبنوع من السُّخرية الممزوجة بالألم عبر الرَّسائل تقدُّم صورة مأساوية لأسباب قيام الثورة وممارسات السُّلطة والانتهاكات التي ارتكبتها أجهزة الدولة الأيديولوجية من أجل توطيد سلطان (الأب الإله) الرئيس الأكبر من نبي ونصف الإله، والمفارقة أن نفس الأسباب التي كانت سببًا في الخروج على الحاكم بعد مائة سنة في عهد المشير الخامس تُمارَس نفسها، وإنْ استبدلت الأجهزة أساليب جديدة توافق رهانات العصر في المراقبة والتجسّس والتنكيل، كالإلقاء بهم في (الحامض) وسيلة الإعدام الجديدة في دولة (مصر الشمالية) بغرض وحيد هو توطيد دعائم نصف الإله. هذه ليست رواية وفقط، وإنما هي سجل حافظ وحاوٍ لأحداث حدثت عفوية أعادت صورة الإنسان المصري في قدرته على التغيير، وتسجيل دقيق لأحداث ما قبل وأثناء الثورة وإدانة كاملة للجميع الذين سرقوا الثوّرة وصاروا حكامًا باسمها. (جزء من مقالة عن الرواية)