رواية حجر الكحل بقلم الأديب محمود توفيق.."هي وطفلها على السرير يعتصرهما الحزن والقلق ، وإحساسٌ ثقيلٌ بالهمِّ يجثم على الصدر ، ذبالة المصباح كانت على الأرض أسفل منهما ، صنعتْ لهما من الخلف ظلًّا واحدًا كبيرًا ، مدَّ الظل المأتمي نفسه على الحائط وانكسر على جزءٍ من السقف ، منكفئًا عليهما انكفاءً متابعًا مهيبًا ، ريحٌ خارجيةٌ لعبتْ بورق شجرة الرمان القريبة من النافذة المواربة ، سمع الولد وأمه حفيف ورق الشجرة ، كأنه وقع قدمي قاتل يتسلل ، اقتحمت الريح الحجرة ، اهتزَّ لهب المصباح مع الريح ، فاهتز الظل أيضًا على الحائط والسقف وتبدَّل حاله ، إنه الآن كروحٍ مضطربةٍ مذعورةٍ تكافح لتهرب من مكانٍ تُقرأ فيها العزائم ،
نظر عاصم للظلِّ المضطرب ، ارتجف قلبه الصغير ، مدَّ شفته السفلى ، همس في أذن أمه بأنه خائفٌ ، نظرتْ للظلِّ ثم وضعت رأس ولدها على صدرها وقالت : وأنا أيضاً.
لهذين المرعوبين قصة نُسِجت خيوطها في زمنٍ غير الزمن ومكانٍ غير المكان بأحداثٍ فرضتْ نفسها كما تفرض ريحٌ سريعةٌ عنيفةٌ وجودها مرةً واحدةً ، وتترك بعد هدوئها أثرًا مستمرًّا لاينقضي"
بهذه المقدمة يستهل محمود توفيق رائعته "حجر الكحل" بلغته الجزلة والسلسة في ذات الوقت، لينقلك إلى عالمه الذي أراد أن يحكي عنه.
نحن نعمل على تصفية المحتوى من أجل
توفير الكتب بشكل أكثر قانونية ودقة لذلك هذا الكتاب غير متوفر حاليا حفاظا على حقوق
المؤلف ودار النشر.