رواية رفات نبي بقلم أمير حسين..قادنا الريّس إلى الفنار. حيث نؤدي الصلوات، وحيث نسكبُ الدموع على الراحلين. مضينا في صمت دون أن نلتفت، وفي نظم دون أن يصفنا أحد، نتتابع مثل حبات عقد أخضر، على راحتنا ترتاح صحون العطايا، أوعية من فخار نستقبل فيها عطايا الرب كما نصّت الألواح وعلمتنا الضريرة. وصلنا إلى الفنار، لنجد السماء آخذة في الإنسداد، والموج يتفتت على لسان البر.
صمتنا حتى جثى الريّس مطرقًا، رفع ذراعه، الذي يحمل الصحن، وشرع يترنم: للصالحين وَسَعَات الجنان * وللطالحين عَمَد النيران* جثونا لنصلي خلفه، مع أن النوارس لم تظهر. بحثت عنها في كل أرجاء السماء فلم ألمح منها واحدًا. لماذا لم تحضر النوارس؟! هل نسيَت موعد الجنازة؟ هل تنسى النوارس موعدً بالأساس؟! تساءلت فيما الريّس يستقيم واقفا.
لقد صعدت روح (صالح) إلى برحات الفردوس الخضراء. إلى سعة الفردوس يا (صالح)، إلى سعة الفردوس يا أخي. انفضّت الصلاة مع دعائي، فعدنا إلى البلدة، كما تقتضي المراسم، كل من طريقٍ مغاير.