رواية ضو البيت

رواية ضو البيت

تأليف : الطيب صالح

النوعية : روايات

رواية ضو البيت / بندرشاه تأليف الطيب صالح .. سرت وراء الصوت في جوف الظلام وأنا لا أدري هل أنا أسير إلى وراء أم إلى أمام. كانت قدماء تغوصان في الرمل، ثم أحسست كأنني أسير في الهواء، سابحاً دون مشقة، والأعوام تنحسر عن كاهلي، كما يتخفف المرء من ثيابه. ارتفعت أمامي قلعة ذات قباب عالية، يتوهج الضوء من نوافذها.. ارتفعت كجزيرة سابحة في لجة. وصلت الباب يحدوني الصوت، فإذا حراس تمنطقوا بالخناجر، فتحوا الباب، كأنهم ينتظرون مقدمي، وسرت وراء الصوت في دهليز طويل، ذي أبواب، على كل باب حرس، حق انتهينا إلى قاعة واسعة مضاءة بآلاف القناديل والمصابيح والشموع.. وكان في صدر القاعة، قبالة الباب، منصة مرتفعة، عليها عرش، كرسي عن يمين وكرسي عن شمال وعلى الجانبين وقف أناس طأطأوا رؤوسهم.. كان المكان صامتاً، لا كما تنعدم الضجة. ولكن كأن النطق لم يخلق بعد. تبعت الصوت حتى وجدت نفسي مائلاً أمام الجالس على العرش. وجه ناعم السواد مثل المخمل، وعينان زرقاوان تلمعان بمكر كوني.. خيل إلي أنني رأيت ذلك الوجه من قبل، في عصر من العصور. وقال الصوت "أهلاً وسهلاً بابننا محيميد" الصوت ذاته الذي ناداني من قبل، وجاء يحدوني إلى هنا، صوت جدي لا مراء في ذلك، والوجه وجه بندر شاه، يا للعجب. ومرت بي لحظة إدراك سريعة، عابرة، عرفت فيها كل شيء، كأنني في تلك اللحظة فهمت سر الحياة والكون. ولكنها ضاعت كما جاءت، ولم أعد اذكر شيئاً. ما عدت اذكر ألا الاسم السحري، بندر شاه, ونظرت فإذا الجالس عن يمينه نسخة أخرى منه، كأنه هو، وفهمت.
رواية ضو البيت / بندرشاه تأليف الطيب صالح .. سرت وراء الصوت في جوف الظلام وأنا لا أدري هل أنا أسير إلى وراء أم إلى أمام. كانت قدماء تغوصان في الرمل، ثم أحسست كأنني أسير في الهواء، سابحاً دون مشقة، والأعوام تنحسر عن كاهلي، كما يتخفف المرء من ثيابه. ارتفعت أمامي قلعة ذات قباب عالية، يتوهج الضوء من نوافذها.. ارتفعت كجزيرة سابحة في لجة. وصلت الباب يحدوني الصوت، فإذا حراس تمنطقوا بالخناجر، فتحوا الباب، كأنهم ينتظرون مقدمي، وسرت وراء الصوت في دهليز طويل، ذي أبواب، على كل باب حرس، حق انتهينا إلى قاعة واسعة مضاءة بآلاف القناديل والمصابيح والشموع.. وكان في صدر القاعة، قبالة الباب، منصة مرتفعة، عليها عرش، كرسي عن يمين وكرسي عن شمال وعلى الجانبين وقف أناس طأطأوا رؤوسهم.. كان المكان صامتاً، لا كما تنعدم الضجة. ولكن كأن النطق لم يخلق بعد. تبعت الصوت حتى وجدت نفسي مائلاً أمام الجالس على العرش. وجه ناعم السواد مثل المخمل، وعينان زرقاوان تلمعان بمكر كوني.. خيل إلي أنني رأيت ذلك الوجه من قبل، في عصر من العصور. وقال الصوت "أهلاً وسهلاً بابننا محيميد" الصوت ذاته الذي ناداني من قبل، وجاء يحدوني إلى هنا، صوت جدي لا مراء في ذلك، والوجه وجه بندر شاه، يا للعجب. ومرت بي لحظة إدراك سريعة، عابرة، عرفت فيها كل شيء، كأنني في تلك اللحظة فهمت سر الحياة والكون. ولكنها ضاعت كما جاءت، ولم أعد اذكر شيئاً. ما عدت اذكر ألا الاسم السحري، بندر شاه, ونظرت فإذا الجالس عن يمينه نسخة أخرى منه، كأنه هو، وفهمت.
الطيب صالح - أو "عبقري الرواية العربية" كما جرى بعض النقاد على تسميته- أديب عربي من السودان، اسمه الكامل الطيب محمد صالح أحمد. ولد عام (1348 هـ - 1929م) في إقليم مروي شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها، وتوفي في أحدي مستشفيات العاصمة البريطانية لندن التي أقام فيها في ليلة الأربعاء 18 /فبراير 2009 الموافق 23 صفر 1430 هـ. عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم، وفي شبابه انتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته، وغيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية السياسية.
الطيب صالح - أو "عبقري الرواية العربية" كما جرى بعض النقاد على تسميته- أديب عربي من السودان، اسمه الكامل الطيب محمد صالح أحمد. ولد عام (1348 هـ - 1929م) في إقليم مروي شمالي السودان بقرية كَرْمَكوْل بالقرب من قرية دبة الفقراء وهي إحدى قرى قبيلة الركابية التي ينتسب إليها، وتوفي في أحدي مستشفيات العاصمة البريطانية لندن التي أقام فيها في ليلة الأربعاء 18 /فبراير 2009 الموافق 23 صفر 1430 هـ. عاش مطلع حياته وطفولته في ذلك الإقليم، وفي شبابه انتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعتها على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته، وغيّر تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية السياسية.