.
من الرواية:
لم يكن أحد منا قد شاهد فيلم بورنو من قبل. حتى الراوي نفسه. كنّا نعتبر أفلام نادية الجندي وشمس الباردوي أفلامًا إباحية، وكان فيلم "المغتصبون" لـ ليلى علوي هو أكثر الأفلام إثارة بالنسبة لنا. على الفور نستبدل الشريط، لم يعترض أحد، حتى الراوي لم يمانع، نرجع لجلستنا القديمة وننتظر العرض: تنزل التترات على حديقة فيلا، فيلا حقيقية هذه المرة، الوقت ليلا، يتحرك شبح بين الأشجار، يتسلق شجرة، يقفز من عليها بمهارة ويقبض على سور البلكونة، يقف، رجل في بدلة أشبه ببدلة الغطس، طبقة رقيقة سوداء تغطي جسده كله، ووجهه أيضًا، يكسر زجاج البلكونة ويدخل، في حجرة النوم تتقلب امرأة تجاوزت الثلاثين في قميص نوم قصير "بيبي دول".. اللص أمام خزينة يحاول فتحها، جرس إنذار يضرب في غرفة المرأة، تنتبه من نومها، تفتح الدرج، تلتقط مسدسا ضخما، وتخرج. اللص لا يزال يحاول ويبدو أنه يواجه أمرا معقدا، تنغزه بفوهة المسدس في ظهره، يرفع ذراعيه، تطلب منه أن يستدير، يلف ببطء وحذر، تتكلم معه -الفيلم غير مترجم- قبل أن نخمن المحادثة تكون هي قد مررت فوهة المسدس على صدره ثم نزلت بها على بطنه ثم وصلت لبتاعه! وبتاعه بدا منتفخًا وبارزًا تحت الملابس الغريبة. تنحبس الأنفاس، وتكاد أعيننا تنخلع من فرط التحديق. تسقط على ركبتيها، تطلع بتاعه! هنا لم نتمالك أنفسنا من الدهشة والسعادة، صيحة جماعية تخرج منا، وشغف لرؤية المزيد. بحركة واحدة تنزع عنها قميص النوم فتصبح عارية تمامًا، يفور الدم في أدمغتنا، ويقوم ناجي ويقترب من الشاشة حتى يكاد أن يلتصق بها، ويمد أصابعه في محاولة يائسة للمس النهد النافر غير أن شخطة من الراوي.
- اقعد يا ابن القحبة مش عارفين نشوف.
يعود إلى مكانه. ونشوف الفيلم في طقس عائلي لمرة وثانية وثالثة. ويغط الراوي في نوم عميق. ويصنع كل واحد منا قرطاسًا ويعصر بتاعه، أوجه السيد "ز" ناحية الدعك، وأقول له: شوف يا أعور واتعلم.
..........
عمرو عاشور
روائي وصحفي، من مواليد القاهرة، درس الفلسفة في جامعة القاهرة وتخرج منها 2003.
- لـه ثـلاث روايــات... دار الغـوايـة، كيـس أســود ثقيـل، رب الحكايـات. جميعها عن دار ميـريـت للنـشر والتـوزيـع،
ومسلسل إذاعي على
f.m 95
بعنوان "أبو لبدة والشاويش".
رواية قانون البقاء - عمرو عاشور
رواية تتمثل في تابوهات هي مكسورة من الأساس. ناجى وعادل وعالمهما الذي أجبرهما على التخلي عن كل ما هو إنساني رغم محاولتهما في أن يستمرا ويبقيا في حياتهما العبثية وغير الآدمية بالمرة.
ربما تكون "قانون البقاء" امتدادًا لرواية "عمرو عاشور" السابقة "كيس أسود ثقيل" ولكن من منظور مختلف كليًا ليرسخ مشروعه الروائي المتميز بين أبناء جيله بتحطيم صورة البطل النموذجي.