"لم يكن في عيونها أي ملمح للحقد، وهما يدوران أحدهما حول الآخر. كانا ذاهلين حتى أعماقهما، كأنما هما منكفئان إلى داخليهما للإعداد طويلاً وعلى نحو محبوك للضربة القادمة. وفي دورانهما المتوفر كانا يتركان آثاراً خشنة في الطين الخريفي على الهضبة المشرفة على الجسر الذي يصل السهل الكبير
بالبلدة المتناثرة شمالاً، في آخر حقول القمح المستطورة بالطريق الإسفلتي، المتعرج كخاطرة لن تستكمل". في "معسكرات الأبد" يفتتح المؤلف بهذا الحدث الذي يصور عراك ديكين، ينقض أحدهما على الآخر في ارتطام أعمى وكأن وجودها منذور للعراك وحده، تدور الأحداث في قرية هي جزء من أعالي انهدام أرضي عميق يحيط بتخوم القامشلي، يتحرك أبطال الرواية، المنسيين على حد تعبير المؤلف في هذا الحيز الجغرافي الذي بشكل فضاء الرواية، والذي يعيش فيه أبطال الرواية حالة من العزلة. الهم الكردي حاضراً بعمق، كما يبدو، في هذه الرواية، التي يرصد من خلالها لحياة أسرة تتألف من ست نساء يقمن وحيدات بعد اغتيال الأبوين حيث يشكلن محور الأحداث في القرية التي تختزن كماً هائلاً من القلق كما سكانها الذين يعكسون مأساة الشعب الكردي عبر التاريخ.