كتاب الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود بقلم أحمد منصور.. كان الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود من أوائل الشخصيات التي اتصل بها أحمد منصور حين شروعه في إعداد برنامجه "شاهد على العصر" بداية العام 1998، فالرجل له بصمة مميزة في التاريخ السعودي الحديث، ورغم أن مشاركته السياسية محدودة من حيث المدة الزمنية مقارنة بآخرين؛
إلا أنها لم تكن مجرد مشاركة بل كانت صناعة لجانب هام من تاريخ حكم الملك عبد العزيز وأبنائه، فالأمير طلال الذي كان مقرباً من والده وكان والده يضعه في مكانة خاصة حتى أنه ولاّه الوزارة وهو لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره، حمل مشروعاً منذ الصغر سعى لتحقيقه رغم أنه كان يخالفه فيه معظم أخواته، والمشروع الذي تحدث عنه وعن جوانبه وخطوطه العريضة في هذه الشهادة التي خصص لها هذا الكتاب، كان حينما طرحه بداية الستينات مشروعاً طموحاً يهدف إلى تحقيق ما بدأت كثير من دول المنطقة في السعي للتفكير فيه الآن بعد أكثر من أربعين عاماً؛ ألا وهو تحقيق الديموقراطية في مجتمعات لا زالت حتى الآن تتحدث عنها دون أن تمارس منها سوى بعض قشورها.
أخذ الأمير زمام الأمور بيديه وتمكن من إدارة شؤون المملكة لفترة من الزمن خلال حكم الملك سعود وسار معه بعض المقتنعين بأفكاره من إخوانه رغم أنهم كانوا قلة؛ غير أن تجربته لم تصمد سوى تسعة أشهر لأسباب كثيرة فصل بعضها في شهادته، ويبدو أنها كانت في حينها سابقة لأوانها وكانت أكبر من أن يستوعبها كثيرون أو يتحمسوا لها. وكان من الصعب حتى على الذين اقتنعوا بها في ذلك الوقت أن يصرحوا بدعمهم لها أو يتعايشوا معها، ودفع الأمير الشاب آنذاك ثمن أنه سبق عصره ونادى بداية الستينات بما يتهامس به البعض الآن بعد أكثر من أربعين عاماً سعياً لتحقيقه، وكان الثمن فادحاً فقد اختار الأمير الشاب في البداية أن يعيش في المنفى بين مصر وبيروت وسُحِبَ منه جواز سفره السعودي وهو ابن مؤسس المملكة وأن يعيش حياة المنفيين بكل ما فيها من شعور بالاغتراب والهوان، غير أنه تصالح بعد سنوات من حياة المنفى مع إخوانه وعاد في النهاية إلى المملكة مبتعداً عن الخوض في السياسة التي كان يأمل أن يكون له الدور الرئيسي في صناعتها وذلك إرضاءً لإخوانه وحرصاً على علاقته بهم. غير أنه بعد سنوات من الحياة في الظل تحول للأعمال الإنسانية والاجتماعية والإنمائية عبر مراجع الأمم المتحدة وبرامج خاصة أخرى ينفق عليها ويدعمها بقوة كما أنه أنشأ أول جامعة مفتوحة في العالم العربي ولم يبتعد عن الشأن العام فدائماً مواقفه وتصريحاته عن الشأن العام تتصدر الصحف ووسائل الإعلام العالمية حاملة معها ظلال مشروع قديم لا زالت نفسه تهفو إلى تحقيقه.
من هنا يمكن القول بأن الأمير طلاب بن عبد العزيز كان في شهادته هذه شاهداً هاماً وشخصية لها بصماتها المميزة في التاريخ السعودي. وقد تمّ تحويل هذه الشهادات من نص مشاهد إلى كتاب مقروء وفي ذلك فائدة للمشاهد والقارئ معاً، حيث كانت قناة الجزيرة السباقة والرائدة في هذه الفكرة. في الفصل الأول من هذا الكتاب يروي أحمد منصور قصة هذه الشهادة وما دار وراء الكواليس بينه وبين الأمير طلال على مدى عام ونصف، وهي قصة مثيرة بكل تفاصيلها. وفي الحلقة الأولى يدلي الأمير طلال بشهادته فيها على مرحلة الطفولة والصبا في حياته، متحدثاً عن الأيام الأولى لقيام المملكة العربية السعودية وما رافق تلك الرحلة من أحداث وفي الحلقة الثانية يدلي الأمير طلال بشهادته حول جوانب عديدة من أهمها أنه يستكمل في وصف يوم حياة الملك عبد العزيز، وعن توليه الوزارة لأول مرة وغيرها من الأحداث التي مرت به. وفي الحلقة الثالثة يدلي الأمير طلال بن عبد العزيز بشهادته بشكل مختصر على الفترة بين عامي 1958-1964 حيث كان لقاؤه الهام مع عبد الناصر عام 1958. أما في الحلقة الرابعة يتحدث الأمير طلال بشيء من التفصيل حول محاور وأحداث هامة سبق أن تحدث عنها باختصار. وفي الحلقة الخامسة يدلي الأمير بشهادته حول مواضيع هامة وعديدة في تاريخ المملكة الحديث. وفي الحلقة السادسة يتحدث الأمير على فترة هامة حيث يقيّم فترة مشاركته في السلطة كوزير للمالية. وفي الحلقة السابعة يدلي الأمير طلال بشهادته حول وساطات الصلح التي قام بها بعض الوسطاء من أجل عودته إلى السعودية. وفي الحلقة الثامنة يدور حديث الشهادة حول هزيمة يونيو عام 1967 وأثرها على المملكة العربية السعودية والواقع العربي بشكل عام، وعن أحداث أيلول الأسود وأثرها على القضية الفلسطينية وعن غيرها من المحاور الهامة في تلك الفترة. أما في الحلقة التاسع فيدلي الأمير طلال بشهادته حول مواضيع مختلفة منها مستقبل النفط وعن مقتل الملك فيصل وملابساته ودوافع القاتل وحول غيرها من المواضيع. بعد ذلك أجرى أحمد منصور حوارات أخرى مع الأمير طلال اعتبرها متمّمة لما دار في الشهادة وألحقها في هذا الكتاب.